إعلانات

عالم موريتاني مشهور ..يوجِّهُ رسالة غير مشفرةٍ إلى معالي وزير العدل ( نص الرسالة )

جمعة, 24/04/2020 - 07:32
المدعون لأول مؤتمر لعلماء موريتانيا المنعقد في انواكشوط عام 1961

وُجِدَتْ رسالة بخط العلامة أحمدُ سالم بن القطب اليدالي رحمه الله كتبها العلامة المحرر الورع المختار بن ابلول رحمه الله موجهة إلى وزير العدل إذ ذاك السيد الحضرمي بن خطري العلوي رحمه الله تعالى عندما دعي للمشاركة في مؤتمر للعلماء لإقرار دستور ١٩٦١

يقول فيها :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد فإن الكاتب المثبت اسمه ءاخر الرسم يهنئكم بما أقامكم الله تعالى فيه وما وهبكم من الأخلاق السامية والدين المتين ويشكركم على ما فرجتم من كرب شعبكم المسلم بجمعكم مؤتمرا للعلماء للنظر في القانون المدني المترجم إلى العربية وإلقائكم مسئوليته الدينية على علماء الدين المشاهير من شعبكم النبيل. كما يشكر لسلفكم من يد بيضاء على هذا الشعب وغيره من العالم الإسلامي في علمه ودينه. ثم ان الكاتب يرفع الى كريم علمكم أنه قدم امتثالا لأمركم رغم الكبر والضعف والمرض واليوم يلتمس من معاليكم إعفاءه من الدخول في هذا المؤتمر وذلك لأمر واحد وهو ما وقع للإمام ابن شأس وذلك انه أراد وضع مختصر في مذهبه المالكي ولكنه اعجله حسن تصنيف الغزالي لمختصره المسمى الوجيز في مذهب الشافعي فحاذاه ابن شأس في مختصره وتداوله العلماء بالشرح ومن جملتهم الشيخ خليل في كتابه التوضيح ثم ألف الشيخ مختصرا وحاذى به محتصر ابن الحاجب ولم تزل في هذه المختصرات الثلاثة فروع عديدة من مذهب الشافعي خفيت على هؤلاء العلماء المالكيين الحفاظ المحققين في نحو قرن أو أكثر من الزمن يتداولونها. وقد اعتنى ابن عرفة في كتابه بالتنبيه على تلك الفروع التي بقيت في تلك المختصرات الثلاثة .أعانه حفظه على ذلك وكون بلده تونس في ذلك العهد ليس فيها سوى مذهب مالك. وكذا وقع للإمام القرافي في كتاب الذخيرة فإنه أدخل فيها فروعا من من مذهب الشافعي تلقاها عن شيخه العز بن عبد السلام خفيت عليه نبه عليها المحققون . ولما كان هذا الدستور معربا عن أصل فرنسي وفي ذلك ما فيه وكان بالعربية العصرية التي لا يفهمها الأكثر من المؤتمر حق الفهم وربما تضمن عمومات وإطلاقات أو مقاصد يمكن أن تنحرف عند تطبيقها عن جادة الدين الإسلامي.

كان هذا كله هو السبب في التماسي من معالي الوزير أن يعفيني من هذا الأمر الذي أعجز عن تحمل مسئوليته . وكنت أرى ان الأوفق بإرادة الشعب ورغبته أن يعهد إلى الجلة من خيار علماء الشعب من أهل الحفظ والفهم والاطلاع على الأحوال الإسلامية في أقطار الاسلام قديما وحديثا فتضعه على مشهور مذهب مالك سوى ما اقتضته مصلحة الحاضر وسياسته مما وافق مقابل المشهور أو قول بعض أيمة الأمصار المتبوعين . فلم يزل الأيمة من فقهاء الأندلس والمغرب يجرون العمل بمقابل المشهور أو يخلاف المذهب لأجل المصالح العامة الداعية وألفوا في ذلك تئاليف منها ما شرح كعمل فاس والعمل المطلق

والسلام

المختار ابن ابلول.

أتته الخلافة منقادة إليه تجرر أذيالها ..  فلم تك تصلح إلا له ولم يك يصلح إلا لها .

معالي وزير العدل والتشريع تولى الله تعالى جميع أموره بمنه وفضله وتأييده وتسديده اللهم ءامين  .

ثم أردف اليه رسالة مع هذه يعتذر فيها عن أخذ هدية بعثها إليه معالي الوزير بمناسبة المؤتمر هذا نصها :

أما بعد فإني اقدم لكم عظيم شكري وكامل امتناني وتقديري لما أوليتمونا من حفاوة وعطف وما قدمتم من بر وكرامة جزاكم الله عنا وعن الإسلام خيرا وقد قبلنا جميع ذلك بنفس شاكرة وقلب مسرور بيد أني لاحظت أني لم أقدم خدمة للشعب أستحل بها الأخذ من ماله العام لأن ما أسلفت من خدمة في تعليم أبنائه وفصل قضاياه بالصلح والفتيا والنصيحة لم أقصد به إلا وجه الله تعالى إذن فلا يجوز لي الأخذ عليه والآن حبسني المرض وضعف الكبر . وإذا كان الزعيم البروتستاني في سويسرا يتورع عن أخذ مرتبه أيام انقطاع خدمته بسبب المرض فالمسلم بذلك أولى .

فشأن الرجال الصدق مع الله في المعاملة والصدق مع خلقه كذلك لا الميل بسبب الهوى والحظوظ النفسانية والمحاباة بما لا يرضي الله تبارك وتعالى وهذا هو السبب في رد المبلغ الذي ورد علينا من قبل لذلك أقدم لكم عذري وأوفر شكري في كل ما أسديتم ولكم الشكر أيضا في سرعة الأوبة و وطأة السيارة وطاعة السائق ودمتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته بقيت بقاء الدهر يا كهف عصره وهذا دعاء للبرية شامل .

الفقير الى ربه تعالى المختار بن ابلول

٢٩/١١/١٩٦١ .