إعلانات

عقيد في الجيش الموريتاني .. يدق نافوس الخطر القادم من الشرق

خميس, 09/01/2020 - 13:20
 العقيد المتقاعد انجاي انجَوَرْ / المحلل الاستراتيجي

كتب المحلل الاستراتيجي العسكري الموريتاني، العقيد المتقاعد انجاي انجَوَرْ، في صحيفة "لوبينيون" الفرنسية" مقالا حول الظروف الأمنية والعسكرية في منطقة الساحل، جاء فيه: "عرفت منطقة الساحل خلال العقد الأخير هجمات إرهابية متكررة أسفرت عن عديد القتلى والجرحى، ما أثار الريبة داخل قيادات الأركان في ربوع دول الساحل لأن الجيوش غير متعودة على مثل هذه الحروب التي تعتمد بالأساس على العمليات الانتحارية".

وأردف العقيد يقول: "لمواجهة هذا التهديد، تمكنت موريتانيا من تطوير رؤيتها باستحداث استراتيجيات جديدة، لأن المشاكل المتعلقة بالسيادة تتطلب حلولا سيادية. السلطات السياسية والعسكرية الموريتانية، رغم الإكراهات الاقتصادية الكبيرة، استطاعت إعادة بناء جيشها من خلال التجهيزات والتدريبات بالتعاون من عدة شركاء (فرنسا وأمريكا). وقد دربت موريتانيا جيشها على نمط الفعل والانسياببة في التحرك والخفة والمرونة والنشاط وقوة النار والدعم الجوي. وقد قامت خطة موريتانيا على امتلاك المبادرة.

كما أن إعادة تنظيم مخابراتنا كان مكسبا حاسما في البحث واستقبال وتحليل واستغلال المعلومة بصفة فنية وألكترونية عالية.

إن مسؤولية أي دولة تتمثل في تحمل الواجبات المتعلقة بسيادتها لأنه لا أحد سيقوم بذلك بدلا عنها. وبالتالي يتعين على دول الساحل أن تتخذ الإجراءات الضرورية لإعادة بناء جيوشها وتكوينها وتدريبها. إنها ديباجة مستعجلة وحيوية قبل أن يأتي العون الدولي ليستندوا عليه في كفاحهم من أجل بقاء شعوبهم. وإذا كانت موريتانيا قد نجحت في ذلك، فإن باقي بلدان الساحل يمكنها أن تنجح فيه. إنها قضية ذات صلة بالسيادة والإرادة السياسية والصرامة والإلتزام الوطني".

وكتب العقيد: "إن مالي هي الدولة الأكثر تضررا من هذه الهجمات الإرهابية مع بوركينافاسو والنيجر. وإذا لم يتم القيام بعمل ما، فهناك احتمال لانهيار دولة مالي التي تملك تاريخا ثريا والتي تمثل ملتقى طرق للتجارة في المنطقة.

في سنة 2013، لو لم تتمكن عملية سرفال الفرنسية من وقف زحف المتطرفين سيكون مالي اليوم تحت سيطرة الحركات الإسلامية. فالجيش المالي، غير المنظم، لم يقاوم إلا قليلا رغم أن القوات الجهادية أقل تسليحا منه".

وقال الكاتب: "منذ عدة أشهر عملت النزاعات الطائفية والعرقية في مالي على مفاقمة هشاشة الانسجام الاجتماعي وزادت من خطورة الوضع الأمني".

وأردف الكاتب يقول أن "قوة برخان البالغة 4500 رجل لا يمكنها لوحدها القضاء على ظاهرة الإرهاب. لا شك أنها مجهزة تجهيزا جيدا وتمتلك الرجال الأكفاء لكنها تنشط في ميدان صعب لأن الصحاري ليست مسرحا مناسبا لعملياتها، وهو ما يشكل عائقا حتى ولو لم تعترف فرنسا بذلك. فإدخال الطائرات المسيرة لن يكون له من التأثير إلا النزر القليل لأن القوة الإرهابية تنشط على ميدان تعرفه جيدا ولديها أطراف تمنحها كل المعلومات الاستخبارتية حول تحركات الآخرين. كما أن المتطرفين يستفيدون من دعم الجهاديين القادمين حاليا من ليبيا والمنطقة المغاربية وآسيا. وهم مجهزون بأسلحة ليبية تائهة عبر الصحراء. وقد عرفوا كيف يجرون إلى جانبهم تواطؤ السكان المحليين مقابل المساعدات الاجتماعية التي تعتبر ثمرة متاجراتهم المتعددة المجالات".

وخلص العقيد إلى القول: "هذه الحرب لا يمكن كسبها إلى بجهود عسكرية وإلا فإنها لن تكسب. لا شك أن التخلف والهشاشة والفقر وغياب التعليم وانعدام الصحة يمكن أن تكون سببا في تفاقم الوضع الأمني. لكن يجب تأمين المنطقة والعمل على فرض الاستقرار بها قبل القيام بأي عمل تنموي، لكن بسرعة لأن الوقت يمر، والأمر يتعلق بمصير ووجود دول بحد ذاتها".