إعلانات

عالم الشوفيرات... هنا يكمن سر الحوادث القاتلة

خميس, 26/12/2019 - 13:23

من خلال تجربتي المهنية احتككت مبكرا بالسائقين. السياقة في بلادنا ليست مهنة فحسب. بل هي ثقافة و عقلية قد تكون هي السبب المباشر لما نعيش بشكل شبه يومي من حوادث...

حتي و إن صاحبته 20 سنة, فإن تلك المدة لا تكفي "الشوفير" ليقص عليك جميع بطولاته المتمثلة في "خبرته في التحراك في اتراب" و معرفة الطرق و قدرته الخارقة في التغلب علي أي عطل - Dépannage..

لكن البطولات الأكثر إثارة هي تلك المتعلقة بقطعه لمسافات شاسعة في زمن قياسي.

فعندما تسترق السمع للشوفيرات و هم يتبادلون أطراف الحديث فإن موضوع قطع المسافة يسيطر علي "شد لخبار" بينهم. فهذا ذهب من انواكشوط بعد أن صلي الصبح عند مركز الشرطة "صورتي دبي" ليتغدي في كيفه و يتعشي في النعمة. و ذاك خرج من انواذيبو بعد أن صلي المغرب عند مرصت محفوظ قبل أن ينطلق ليتعشي في كزرته الواقعة جنوب العاصمة...

ظاهرة أخري و هي الأخطر. قلة النوم تبقي هي السمة البارزة للمهنة. إما بسبب قيام السائق مبكرا لتفادي الحر أو يمضي ليلته و هو يسير ليدعي عند وصوله أنه نام لكي يقنع زملاءه أنه هو الأسرع...

و من أسباب السهر كذلك أن السائق الذي يسكن مثلا في انواكشوط لا يوفر له رب العمل مكانا للراحة عندما يكون "غريبا" في المدن الأخري... أو هذا ما يدعي علي الأقل السائقون. لكن الحقيقة هي أن السائق بدلا من الخلود إلي النوم في انتظار رحلة شاقة, يفضل عادة "التسدار" أو لعب مرياص إن كان شابا أو الذهاب إلي "مكتبه الثاني" بالنسبة لمن هم أكبر سنا... "نعم لكل كهل شوفيرات أسرة في أغلبية المدن التي يمر بها عادة", يعترف أحد السائقين...

مما يعني حاجته الماسة دائما في تحصيل المال. و بما أن راتبه يكون عادة ضعيفا فلا خيار أمامه سوي العمل بوتيرة جنونية أو التحايل علي البنزين و حتي افتعال أعطاب في السيارة من أجل تبرير شراء قطع الغيار... لكن تلك حكاية أخري...

 نقلا عن صفحة العميد / محمدن انجبنان مامون .