إعلانات

المجتمع الموريتاني يعانى أزمة حقيقة / النائب محمد الأمين ولد سيدي مولود

ثلاثاء, 26/11/2019 - 11:18

لا تحتاجون كثير عناء لتتذكروا أن من كانوا يهددون معاوية بالمحاكمات إن لم يترشح ومن مدحوه شعرا ونثرا هم اول من تخلى عنه حين انقلب عليه رئيس حرسه وكبار الضباط ومدير الأمن الخ، وطبعا لا تحتاجون كبير عناء لتتذكروا أن من نحتوا لقب "الرئيس المؤتمن" لوصف طيب الذكر سيدي ولد الشيخ عبد الله كانوا أول من ولغ في عرضه وهو سجين بعد "الانقلاب _ ردة الفعل" الحمقى عليه ..

وإن ذهبتم أبعد من ذلك ستجدون مرارة عميقة في كلام أب الأمة رحمه الله حين سمع من كانوا يثنون عليه من المقربين جدا ينقلبون ضده في ظرف أيام ويكيلون له الشتائم ويحملونه أوزارهم وأوزارا مع أوزارهم.

قبل عام، عام فقط، كانت جحافل القبائل وجماهير الأعماق، وكبار سماسرة المواقع والمواقف، ونشطاء البورصة المبدئية، يتسابقون للانقلاب على الدستور لصالح شخص واحد وصل بانقلاب فج ونهب وافسد وظلم. فكانت الفتاوى بخصوص اليمين جاهزة، وكان المنتخبون وهم يلبسون "شراويطهم" _ يمكن الرجوع لمهرجانات المامورية الثالثة _ وكان رجال الأعمال والسياسيون والأقلام الركيكة، كانت "وجوه الخشب" تتسابق لتدمير بلد..

كانت بيانات ومؤتمرات اهل الحوضين تزحف على انواكشوط، وكان اطر لعصابة وسماسرتها يتقاتلون في قصر المؤتمرات على من سيقرأ بيان الخزي والانتكاسة، وكانت جحافل رموز الترارزة واتباعهم تتجمهر في المطار القديم، وكان وجهاء وقيادات ساكنة آدرار يتجمهرون في قصر المؤتمرات، ثم بقية ولايات الداخل جنوبه وشرقه شماله وغربه، كان القانونيون جاهزين والبرلمانيون نشطين، والسياسيون جشعين، ورجال الأعمال متآمرين، كان الجميع في قاع الانحطاط والهيمان والتيه، كانت الوجوه خشبية والعيون زائغة والخطابات ركيكة مكررة ممجوجة ساذجة، كان العرض أكثر من الطلب والقيمة في الحضيض ..

صحيح أنه في المقابل كانت هناك مجموعات شبابية طموحة شريفة، واخرى سياسية صابرة مضحية، وأقلام نزيهة صادقة وبعض المنتخبين _ على قلتهم _ مؤثرون. لكن كل ذلك كان قاب قوسين أو ادنى من الضياع في زحام أمواج التزلف والنفاق والتدمير بلا حدود ...

لم تكتمل اربعة أشهر على خروج "الرئيس المؤسس"، "رئيس الفقراء"، "محارب الفساد" باني "النهضة الشاملة" حتى صدرت البيانات من خلصائه الذين كادوا يعبدونه تندد به وبتصرفاته وتراه خطرا على الديموقراطية وعلى استقرار البلد، لم تمض أربعة أشهر حتى اصبحت اقلام "كبيرة" كانت تسطر داخل القصر حبرا ذهبيا يسبر التاريخ والأدب ويؤول النصوص الشرعية ولاء للرجل، تحجم الآن عن الرد عنه رغم طلب صريح منه بذلك، لم تمض اربعة اشهر حتى أصبح من انتسب ل"حزبه" مليون ومائة الف ناخب، معزولا مطاردا بالبيانات والتدوينات والتصريحات من صقور نظامه ....

إن في هذا، وفي غيره منذ الانقلاب على المختار الى هيدالة إلى معاوية إلى سيدي، لعبرة لاي حاكم يعتبر، ولأي ضمير حي او فيه بقية حياة، إنه درس متجدد دليل على هشاشة الأسس التي يبني عليها الحكام، وعلى هشاشة أغلب "النخبة المدنية" في هذا البلد، بل وعلى هشاشة هذا المجتمع مبدئيا وأخلاقيا..

إننا نعاني أزمة مجتمع حقيقية،،،
إننا نتفرج الآن على عروض عارية مريرة وفاضحة،،،
إنني "حشمان" لهم، إذا كانوا لا "يحشمون" ،،،،

ولا خير في ودّ امريء متملق
إذا الريح مالت مالَ حيث تميلُ

وحسبنا الله ونعم الوكيل،،،