إعلانات

انقلاب تلوح بوادره في الأفق / الكاتب محمد الامين سيدي مولود

ثلاثاء, 21/03/2017 - 10:40
الكاتب و المدون محمد الامين سيدي مولود

بعد حوالي 35 ساعة سيطل عزيز عبر وسائل الإعلام للتعليق على "الانفلات" الحاصل في أغلبيته بعد تصويت الشيوخ ضد مقترحه بتعديل الدستور، وخاصة شيوخ حزب الحاكم. وغالب الظن أن الرجل لن يضيف كثيرا سوى قفزة غير دستورية لعلاج واقع غير مريح ولا دستوري وقع فيه الرجل وأوقع فيه البلد، وهي شيمته منذ ظهوره في المشهد العام قبل أكثر من عقد ونصف من الزمن!

أتوقع أن يتكلم عزيز عن مقدمة مائعة في التنظير عن المؤسسات والديموقراطية ومحاربة الفساد، وأن يتباهى بما يراه إنجازاته، ليخلص إلى هجوم شرس على المناوئين له، متحدثا عن ثلة قليلة تختطف إرادة الشعب وتجسد الأنظمة البائدة وغيرها من خطاب الرجل الممجوج، ويقدم نفسه بوصفه الوحيد الذي يمثل إرادة الشعب ، وهي الإرادة التي لن يسمح لأحد أن يصادرها، وكأن الشيوخ والأحزاب السياسية والمعارضة من شعب الموزنبيق أو الاكوادور، وكأن عزيز نفسه وصل السلطة بعد مشوار سياسي طويل وواع ومتدرج وسلمي. عزيز قد لا يكتم غضبه من معارضين في الخارج يراهم المحرك الأهم للتمرد ضد أغلبيته، كما أنه قد يتطرق لشراء ذمم ومخالفات قانونية مهددا بنشر بعض ذلك، على غرار ما فعل مع سيدي، ومسعود، وأحمد ولد داداه خلال حملة 2009، وكان كل ذلك مجرد كلام، متجاهلا ما يقال عنه هو نفسه في مساره الأخير مع الشيوخ، ومع النواب!

كل المؤشرات توحي أن عزيز في طريقه إلى انقلاب ضد الدستور المصرح في المادة 99 منه: "يمتلك كل من رئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان مبادرة مراجعة الدستور. لا يناقش أي مشروع مراجعة مقدم من طرف البرلمانيين إلا إذا وقعه على الأقل ثلث (3/1) أعضاء إحدى الغرفتين. لا يصادق على مشروع مراجعة إلا إذا صوت عليه ثلثا (3/2) أعضاء الجمعية الوطنية وثلثا (3/2) أعضاء مجلس الشيوخ ليتسنى تقديمه للاستفتاء"، وذلك في الباب 12 المتعلق بالتعديلات الدستورية. وقد بدأت مؤشرات الانقلاب من خلال ما يروج له البعض من الرجوع إلى المادة 38 الواردة في الباب الثاني حول السلطة التنفيذية والتي تقول إنه "لرئيس الجمهورية أن يستشير الشعب عن طريق الاستفتاء في كل قضية ذات أهمية وطنية". ولا يخفى على أي مهتم بالتشريع أن هذه المادة العامة في باب آخر ولا يمكن أن تسطو على مادة بعدها في الترتيب ومخصصة للغرض محل النقاش، حيت أن النص الأخير تشريعيا هو الناسخ أو المقيّد، كما أنهما في بابين مختلفين، فنحن الآن في إطار التعديلات الدستورية المبوب عليها في باب ذي 3 مواد هي 99، 100، 101 فقط. لكن من قالوا لعزيز أن ما قام به 2008 ليس انقلابا لن يعوزهم أن يبرروا له أي انقلاب دستوري اليوم، حتى ولو كانت النتيجة أن يكذبهم عزيز بعد فترة أنه قام بعمل غير شرعي مثلما حصل في كلامه عن انقلابه على سيدي لاحقا!

بخصوص المعارضة، والموالاة المتمردة ـ وهي الأهم والأخطر الآن ـ لا يملكون حالَ ذهاب عزيز في انقلابه إلى الاستفتاء الشعبي غير خيار المقاطعة النشطة، لأنهم لو نازلوا عزيز في الاستفتاء هذا فإنهم يعترفون بصحة مساره الدستوري، أما عدم الاعتراف بدستوريته فتترتب عليه المقاطعة منطقيا، لكنها إن لم تكن مقاطعة نشطة بتعبئة الناس للتسجيل ثم عدم الذهاب إلى التصويت، فإنها ستكون مجرد تسجيل موقف كما حصل في مقاطعة الرئاسيات الفارطة، والانتخابات البرلمانية والبلدية الأخيرة. وذلك خطأ أيضا.

إن الشيوخ الذين صوتوا بـ"لا" ضد مقترح عزيز (33 شيخا) يجب أن ينخرطوا في التعبئة للتسجيل والمقاطعة دوائرهم الانتخابية، ويخرجوا من قبة التردد أو الخوف، فالمواجهة بدأت، ولا معنى أن يصوتوا ب"لا" في الخفاء، ثم يتفرجون أو يصمتون أو يذهبون مع الموالين للتنكيل بهم بناء على الاستفتاء "المكزور" هذا. وإن اجتمعت هذه الكتلة الكبيرة مع المعارضة بكل أطيافها الحزبية والشبابية والنقابية وقادت حملات جدية فإن نسبة المشاركة ستكون دون المستوى، وأي انخفاض لنسبة المشاركة يكون دون 40% من عموم المسجلين سيكون ضربة أخرى موجعة، ويكون عزيز ختم مشواره بانقلاب ضد الدستور وخروج على المؤسسات وعلى أغلبية الشعب، وما تلك بالخاتمة الحسنة، بل ستؤثر على مساعيه في قضية الاستخلاف، خاصة إن استطاع مناوئوه من المعارضين والموالين المغاضبين بناء جبهة عريضة ذات أهداف واضحة أبعادها مؤسسة على خطط إصلاحية ورؤية واقعية قابلة للتطبيق سواء في الحملات الانتخابية المقبلة برلمانية أو رئاسية أو بلدية. بل ربما يؤدي هذا الواقع "العزيزي" المضطرب إلى مصير أكثر سلبية في حق عزيز ودائرته الضيقة في نظامه، لكن كل ذلك يترتب على أداء من ينازلونه الآن.