إعلانات

الخلفيات الفكرية للتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا

ثلاثاء, 05/04/2022 - 01:54

لم يكن أشد المتشائمين يتصور أن القرن الواحد والعشرين سيشهد حربا تقليدية داخل القارة الأوروبية تقوم فيها دولة دائمة العضوية داخل مجلس الأمن باجتياح أراضي دولة ذات سيادة ومحاصرة عاصمتها السياسية وسط ذهول المجتمع الدولي والقوى الكبرى في العالم التي اكتفت بشن حرب اقتصادية مشكوك في فعاليتها الردعية بالموازاة مع حرب إعلامية فيها الكثير من أدوات الدعاية والتضليل والتلاعب بالرأي العام.

فكيف أمكن لروسيا الاتحادية أن تتخذ قرار التدخل العسكري في أوكرانيا وتغامر بسمعتها الدولية وتدخل في مواجهة سياسية ودبلوماسية واقتصادية ضد التحالف الغربي فضلا عن العمليات العسكرية التي تجري على الأرض؟ 

هل يمكن التسليم بالاعتبارات السياسية والاستراتيجية التي يقدمها بوتين لتفسير قرار التدخل العسكري في أوكرانيا أم أن هذه الحرب تقف وراءها اعتبارات ثقافية وقيمية تحكمها اعتبارات فلسفية وفكرية وتاريخية ورمزية أيضا؟

الفرضية الأساسية التي يستند عليها هذا الجهد أن الحرب التي تدور رحاها فوق الأراضي الأوكرانية هي بشكل أو بآخر حربا حضارية بالمعنى الذي تنبأ به المفكر المغربي المهدي المنجرة قبل عقدين من الزمان، والتي اعتبر فيها بأن حروب هذا القرن ستكون حروبا حضارية تقف وراءها عناصر القيم والثقافة والدين والتاريخ واللغة إلى جانب المصالح الحيوية والاستراتيجية للدول.

صحيح أن هذه الحرب تقف وراءها بالفعل اعتبارات عسكرية وأمنية مرتبطة بالمصالح الاستراتيجية لروسيا، لكنها لم تكن لتقع لولا الحضور القوي لمجموعة من المعتقدات الفكرية والإيديولوجية في ذهن صانع القرار داخل قصر الكرملين، بالإضافة إلى ثقل التاريخ والحلم بإعادة المجد الحضاري لروسيا الامبراطورية ما قبل انهيار الاتحاد السوفييتي بل ما قبل الاتحاد السوفييتي نفسه..