إعلانات

خبير قانوني .. يكتب عن "ضبابية الصناعات الإستخراجية في موريتانيا "

خميس, 03/06/2021 - 13:14

يثور الجدل من وقت لآخر حول حصة موريتانيا في عائدات حقول الغاز المشتركة بين بلادنا والسنغال وتنشر معلومات غير مقنعة عن كمية الذهب التي تستخرجها شركات التنقيب العاملة في مجال الاستخراج وفي مقدمتها شركة تازيازت، التي أفاد مصدر رسمي مؤخرا أن كمية إنتاجها أقل مما ينتجه التعدين التقليدي في منطقة الشكات التي تهافت عليها ذوو المعاول والمطارق مؤخرا؟! ويفترض أن تكون المعلومات المتعلقة بالاستغلال المعدني في موريتانيا - ذهبا وبترولا وغازا وعائد الدولة الموريتانية من هذه الأنشطة - متاحة للجمهور دون غموض فقد انضمت بلادنا لمبادرة الشفافية في مجال الصناعات الإستخراجية منذ شتنبر 2005 وتم اعتبارها بلدا مترشحا سنة 2007 وفي سنة 2012 أجازها مجلس إدارة ITIE واعتبرها "بلدا متطابقا" Pays Conforme ويتوقع أن تقيم مبادرة الشفافية الدولية، خلال شهر إبريل 2022، جهود موريتانيا حول إعلان الملكية الفعلية proprieté effective للأنشطة المعدنية التي من شأنها أن تحد من الفساد ومن التهرب الضريبي حيث يلاحظ أن ملاك الثروات يختفون خلف شركات وكيانات وهمية. وتطبيقا لتوجه الشفافية أصدرت الدولة الموريتانية مرسوما بإنشاء لجنة وطنية لمبادرة الشفافية في الصناعات الإستخراجية تتكون من ثلاثين عضوا (30): ثمانية منهم (8) يمثلون الإدارة منهم رئيس اللجنة الذي يعمل مستشارا في الوزارة الأولى وثمانية أعضاء (8) يمثلون شركات استخراج المعادن العاملة وطنيا وأربعة عشر عضوا (14) يمثلون المجتمع المدني. ومن سنة 2005 وحتى الآن نشرت MREITI ثلاثة عشر تقريرا (13) بالاعتماد على مكاتب خبرة تونسية وصدر التقريران الأخيران منها (عن سنة 2017 و2018) يوم 17 أغشت 2020 كما مكن دعم التعاون الألماني (وكالة giz) من إنشاء موقع إلكتروني للجنة الوطنية للشفافية في مجال الصناعات الإستخراجية: www.cnitie.mr وهو موقع مقبول من حيث الشكل إلا أنه لا يقدم بيانات كافية ولا يتيح مضمونه باللغة العربية أية معلومات باستثناء ما يظهر على الواجهة فالنقر على أي عنصر من العناصر المنشورة على الصفحة الرئيسية يظهر أن المحتوى غير مفعل. وعلى الرغم من أن التحفظات الدولية الملاحظة على بلدنا في مجال شفافية الصناعات الإستخراجية كانت تقتصر على ثلاثة بنود (عدم إفشاء العقود، مساهمة الدولة والتحويلات المحلية) إلا أنني أعتقد بوجود نواقص داخلية كبرى يتوجب العمل على تجاوزها مردها عدم نشر تقارير اللجنة باللغة العربية وغياب التعاطي الإعلامي معها لغياب صحافة متخصصة وضعف نشاط الأعضاء لا بسبب الكسل فحسب بل لانعدام الكفاءة الناجم عن سوء الإختيار إذ لو حسن الإنتقاء لما احتاجت اللجنة الوطنية لخبرة أجنبية لإعداد تقاريرها إذ في الخبرات الوطنية ما يفي بالغرض. والجلي أن الجهود الرسمية موجهة لإقناع الأجانب ولا تهتم بالرأي العام الوطني ودليل ذلك أن فتح الموقع الإلكتروني للجنة الوطنية لمبادرة الشفافية في مجال الصناعات الإستخراجية يتيح إطارا وتقديما مقتضبا باللغة العربية وفتح أي ركن يظهر أن مضمون المحتويات بما فيها التقارير غير متوفر بعكس المحتوى باللغة الفرنسية. لذلك فمن واجب السلطات العامة أن تراجع نفسها وتنير المواطنين حول الإتفاقيات المبرمة بين الدولة الموريتانية وشركة كوسموس والدولة السنغالية وطريقة تقاسم عائدات حقول الغاز المشتركة كما أن من واجبها أن تعمل على تفعيل اللجنة الوطنية لمبادرة الشفافية في مجال الصناعات الإستخراجية فليس من المقبول أن تنفق الدولة مواردها ولا يجد مواطنوها ردودا شافية على تساؤلاتهم وأن تحتاج مع ذلك لمساعدة فنية أجنبية تتيح توظيف أطر أجنبية بينما تطحن البطالة المواطنين الأكفاء في مختلف التخصصات.

المحامي / محمد سيدي عبد الرحمن .