وكيل الجمهورية ـ طبقا للقانون ـ ينفذ الجانب الداخل في اختصاصه (النوعي ـ المكاني) من السياسة الجنائية التي يرسمها وزير العدل، وينفذ تعليماته الواردة عبر المدعي العام، ويطبق منظومة القانون الجنائي في حدود اختصاصه، يلزم القانون وكيل الجمهورية بأن يبلغ فورا المدعي العام (الذي يلزمه القانون بدوره بإبلاغ وزير العدل) بكل إجراء يتخذه في إطار الدعوى العمومية، ووكيل الجمهورية ملزم بأن يقدم طلبات النيابة العامة المكتوبة، ومع ذلك يمكنه تقديم ملاحظات شفهية حرة قد تخالف إرادة وتوجهات النيابة العامة والوزير، ويحدث هذا دائما، وفي الممارسة اليومية يتخذ وكلاء الجمهورية قراراتهم بما تمليه عليهم ضمائرهم وفهمهم وقناعاتهم، ويمكن أن يتراجعوا عنها إذا صدرت إليهم تعليمات مكتوبة بخلافها، ولا ضير في هذا لأن القانون يلزمهم بذلك، والمهم عندي من هذه الملاحظات أن يُفهم أن النيابة العامة التي ينتمي إليها وكلاء الجمهورية هي جهاز قضائي، لكن ليس قضاء حكم، فهي سلطة تحريك وممارسة الدعوى العمومية أمام قضاء الحكم، وليست مستقلة بل هي تابعة لوزير العدل الذي هو عضو في السلطة التنفيذية بخلاف قضاء الحكم، وهي خاضعة للتعليمات، وفق نظام تسلسلي رئاسي، وهذا نظام النيابة العامة في الدول المتأثرة بالنظام القضائي الفرنسي، ويقاس نجاح قاضي النيابة العامة بانضباطه وتنفيذه للتعليمات...