شهادة عن قرب !
هذه الشهادة التي أقدمها الآن ليست معنعنة كما يقول أهل الحديث ، بل إنني أنقلها باعتباري شاهدا على وقائعها و ليس من رأى كمن سمع!
حين كان معالي الوزير الأول المهندس اسماعيل بده الشيخ سيديا وزيرا للإسكان و العمران قبل سنوات ، نظمت زيارة له بمكتبه يرافقني وفد استثماري إيطالي متخصص في الاستثماري العقاري ( و خصوصا منه ما يسمي المباني الجاهزة). و لم تكن لي به سابق معرفة أو اتصال شخصي من أي نوع.
و قدمت نفسي كمواطن موريتاني بسيط لديه علاقات مع مستثمرين أجانب يريدون الاستثمار في البلاد من أجل مصلحة الطرفين. لا أكثر و لا أقل!
و بعد أن عرض الوفد الاستثماري الإيطالي رؤيته حول مهمته بالتفصيل . طلب منهم الوزير أن يجيبوا على الأسئلة التالية :
كم سيوفر المصنع من فرصة عمل للمواطنين الموريتانيين؟
كم سيكون ثمن العقار بالنسبة للمواطن العادي..؟
وماهي الضمانات التي لديكم حتى تثبتوا الجدية و الحرفية في مجال الاستثمار المذكور؟
واستمع معالى الوزير باهتمام بالغ بردودهم المنطقية و المقبولة. فأكد لهم أن موريتانيا بلد القانون و تدعم الاستثمارات الأجنبية المباشرة و أن الباب مفتوح على مصراعيه لهم و لأمثالهم من المستثمرين الجادين .
وحين خرجنا من مكتبه أعرب هؤلاء الضيوف عن سعادتهم باللقاء و قالوا انهم لأول مرة يستقبلون بهذا الشكل من وزير افريقي لا يبحث عن "تسهيلات" خاصة من أجل تنفيذ تعهداته في مجال استثمار أجنبي في بلاده.!!
و التزموا بأنهم سيسارعون إلى البدء في ترتيبات مشروعهم في أسرع وقت ما دامت الدولة الموريتانية، ممثلة في معالي الوزير، موافقة بدون قيود أو شروط .
ولكن للأسف ، بعد أسبوعين تقريبا من اللقاء، حدث تعديل وزاري خرج بموجبه الوزير اسماعيل بده الشيخ سيديا من الحكومة .
وهو ما فاجأ المستثمرين الإيطاليين الذين أسقط في أيديهم ، و اضطروا إلى التراجع بعد أن تراجع أملهم في استمرار الدعم بكل أريحية بعد ما حدث !
وخشي الايطاليون من عودة الابتزاز لهم من جديد على يد موظفين مرتشين ومسؤولين لا يهمهم الا ما يملأون به جيوبهم.
وكانت الخسارة الكبرى هي بالنسبة للدولة عامة و شعبها الذي كان سيضمن مواطن شغل علاوة على مساكن محترمة و لائقة بأرخص الاثمان و بمواصفات عالمية!
كانت عملية مربحة لموريتانيا بكل المقاييس بفضل حنكة و حكمة الوزير اسماعيل بده الشيخ سيديا.
هذه شهادة نسجلها للتاريخ حين حان أوانها.
و الله على ما نقول شهيد.
المصطفى الشيخ محمد فاضل .