اعتبر عدد من المراقبين للشأن العام في موريتاني أن الاتفاقية التي ابرمها وزير النفط المويتاني محمد ولد عبدالفتاح مع شركة كينروس الكندية أمس الاول الإثنين 15 يونيو 2020 تمثل خيانة عظمى للشعب المويتاني حيث أنه بموجبها تتنازل بلادنا عن ثروتها المعدنية لدمة 30 سنة مقابل فتات لايسمن ولايغنى من جوع .
شركة كينروس الكندية قالت فى بيان اصدرته قبل ساعات فى تورنتو، ان الاتفاق الذى تم توقيعه أمس الاثنين مع الحكومة الموريتانية فى العاصمة نواكشوط، حصلت بموجبه من الحكومة على اعادة الامتياز الذى كان ممنوحا لها فى السابق بالإعفاء من الضرايب على المحروقات التى تستهلكها الشركة، وستكون اعفاء محروقات الشركة من الضرائب ساري المفعول ابتداء من فاتح يوليو المقبل. وايضا تسديد الحكومة الموريتانية لشركة كينروس ما يقارب 40 مليون دولار من المبالغ المسترجعة من ضريبة القيمة المُضافة ومستحقة من طرف كينروس على الدولة الموريتانية، وتم الاتفاق على جدولة لتسديد هذه الديون على مدى خمس سنوات اَي لغاية 2025 وهذه الأموال المسترجعة هي عبارة عن ضريبة القيمة المُضافة التى قام النظام السابق بفرضها عليها فى 2018 رغم ان الاتفاقية بين الطرفين تعفيها من تلك الضريبة.
واضافت الشركة، فى البيان المنشور على موقعها بالانجليزية، أن الحكومة الموريتانية وافقت على منحها ترخيصا لمدة 30 سنة لاستغلال منجم جديد فى منطقة تازيازت لصالح شركة جديدة تدعى Tasiast Sud على أساس قانون التعدين لعام 2008 واتفاقية التعدين لعام 2012
فى المقابل ستقوم Kinross بدفع مبلغ 10 ملايين دولار للحكومة الموريتانية بعد الانتهاء من الاتفاقيات النهائية لحل المسائل المتنازع عليها ً باستخدام الوقود والإعفاءات الضريبية. بالإضافة إلى ذلك ، عند استلام ترخيص استغلال Tasiast Sud ، ستقوم Kinross بدفع مبلغ 15 مليون دولار مقابل لتحويل المسبق لرخصة التنقيب التى بحوزة Tasiast Sud إلى ترخيص استغلال.
الاتفاقية التي وقعها ولد عبد الفتاح مع شركة كينروس kinross صباح اليوم عبارة عن عقد لمدة ثلاثين سنة تمكن الشركة من استخراج الذهب في منطقة (التّماية) المحاذية لمعامل كينروس تازيازت من الناحية الجنوبية، وهي المنطقة المعروفة لدى ممتهني التنقيب السطحي ب (تفرغ زينة)، وهو اسم شعبي يكشف عن ثراء هذه المنطقة بالذهب الذي يكاد يطفو على السطح ويحصل عليه المنقبون بوسائل جدّ تقليدية.
وكانت شركة كينروس تازيازت قد حصلت عل رخصة تنقيب، لكن ولد عبد الفتاح -الذي تولى التفاوض-وبأمر من ولد عبد العزيز قام بسحب الرخصة لما طلبت الشركة رخصة استخراج، وتشير المعطيات إلى أن الشركة لم تتمكن وقتها من الوفاء بالتزاماتها لخصوصيين موريتانيين نظرا للتفتيش الذي خضعت له قبل تلك الفترة من طرف الشرطة الاقتصادية الأمريكية SEC حيث كانت كينروس متهمة حينها بتقديم عمولات في إفريقيا.
ظروف التحقيق التي منعت الشركة من الوفاء بهذا الالتزام جعلت ولد عبد العزيز يسحب الترخيص ويلغي العمل بالاعفاء من الضرائب على المحروقات الذي حصلت عليه الشركة في عقد سابق لأنه لم يتفهم هذا المانع.
بعد مغادرة ولد عبد العزيز للحكم دخلت الشركة في مفاوضات مع السلطات لاسترجاع الرخصة وتعويض قيمة العفو الضريبي في سعر المحروقات الذي لم تستفد منه منذ سحب الرخصة ودخولها في تجاذبات مع الرئيس السابق، ونظرا إلى أن حل هذه الأزمة أمر لا مفر منه لوجود ملف متابعة قضائية قد يسيئ إلى صورة الاستثمار في موريتانيا قررت الحكومة الموريتانية الدخول في مفاوضات مع الشركة.
دخل ولد عبد الفتاح في مفاوضات مع شركة تسعى بكل الوسائل للعمل في حقل غني بالذهب حسب كل الدرسات والمؤشرات ويوجد على مقربة من منشآتها الحيوية التي أنفقت فيها ملايين الدولارات.
كانت الشركة على استعداد لتقديم كل التسهيلات من أجل الحصول على هذا العقد الذي مكن من رفع أسهم الشركة في الولايات المتحدة وكندا بنسب تتراوح بين 5 إلى 5,5 بالمائة، ولم تحصل فيه موريتانيا إلا على معدل أقل مما تحصل عليه معظم الدول الإفريقية التي تعمل فيها كينروس رغم فارق يتمثل في ثراء منطقة تازيازت موريتانيا، وللترويج لهذا الاتفاق قام ولد عبد الفتاح الذي تولى المفاوضات بنشر خبر على صفحته على الفيسبوك ليقوم بعد ساعات بعرض بث مباشر تم أثناءه نشر الاتفاق الذي حاول ولد عبد الفتاح أن يعدد أهم نقاطه ليشيد بتمثيل موريتانيا في مجلس إدارة شركة تعمل على أراضيها، وأن الأتاوة التي تحصل عليها الدولة سترتفع من 3 بالمائة إلى نسبة تتراوح بين 4 إلى 6 بالمائة مع العلم أن البلدان التي تعمل فيها تازيازت تحصل على نسب ثابتة تفوق هذه النسبة في غالب الأحيان : زامبيا 6 بالمائة وتانزانيا 6 بالمائة والسينغال 5 بالمائة ولم يوضح الوزير أن موريتانيا ستدفع مبلغ بقيمة 40 مليون دولار (16 مليار أوقية قديمة) لشركة تازيازت لتسوية حق الشركة في الإعفاء من الضرائب على المحروقات الذي حرمت منه على مدى سنوات، حيث تم تداول الخبر كما لو كانت الحكومة الموريتانية هي التي ستحصل على هذا المبلغ.
الاتفاق المذكور أبرمه ولد عبد الفتاح الذي تولى المفاوضات عن الجانب الموريتاني مكّن الشركة من الحصول على مبلغ 450 مليون دولار (166 مليار أوقية) مباشرة بعد نشرها لخبر توقيع الاتفاق والحصول على المنجم، لأن أسهمها ارتفعت بشكل مذهل بعد ساعات من تداول الخبر في البورصة العالمية، ويلاحظ تغيب وزراء المالية والتشغيل والاستثمار عن عملية المفاوضات والتوقيع، رغم وجود بنود صريحة متعلقة بالقطاعات التي يرأسونها، وهو ما يضع أكثر من استفهام حول حقيقة الاتفاق والطريقة التي أوصلت إلى هذا الحل.
كما وافقت شركة Kinross على مراجعة الإتاوة الثابتة بنسبة 3٪ واجبة الدفع للدولة الموريتانية بموجب اتفاقية Tasiast للتعدين لعام 2006 بينما لم يطرأ اَي تعديل على البنود الاخرى لاتفاقية اتفاقية 2006 مع الحكومة. والتى لا تزال سارية المفعول.
وفي سياق ذي صلة ارتفعت اسهم شركة كينروس في البورصة العالمية بنسبة 4,2 %, ما يعادل 350 مليون دولار. مقابل ذلك، حصلنا على 25 مليون دولار ويجب ان نسدد ضريبة القيمة المضافة الى كينروس، اي 40 مليون دولار على خمس سنوات.
ضربة عبقرية للكينروس وفرصة اخرى فاشلة لموريتانيا السؤال المطروح هو لماذا قام وزير النفط والمناجم الموريتاني بمثل هذه الخدمة الضخمة في كينروس، على حساب المصالح الاستراتيجية لبلده؟