على رسلكم!
الأصل في الرؤية أنها بالعين، هذا مسلمٌ أما كونها العين "المجردة" فهي زيادة على النص تحتاج إلى دليل!
لكنني أتفق معكم في ضرورة الإعتماد على الرؤية بالعين المجردة، ليس هذا محل الخلاف؛ ما لم تكن الرؤية مستحيلة بسبب الغمام أو ما في حكمه؛ وهو محل الخلاف!
محل الخلاف أنه متى ما ثبت بالعلم وأجهزته -كما يثبت بالأجهزة أن لجنة الأهلة مجتمعة وأنها أصدرت بيانا، بل نستمع إليها عبر البث المباشر! عبر أجهزة دقيقة دون أن نحتاج إلى شهادة الشهود، بل إن اللجنة نفسها تعتمد في نقل الرؤية على أجهزة الهاتف دون التثبت بشهادة الشهود! فكيف إذا نصدق أجهزة و نكذب أخرى دون سبب علمي!
أقول إذا ثبت بالعلم أفول الهلال قبل مغيب الشمس بدقائق فهذا يعني عقلا استحالة رؤيته، فيكون الحكم في هذه الحالة إكمال الشهر ثلاثين يوما قياسا على حالة استحالة الرؤية بالعين المجردة بسبب الغمام، فهذه استحالة سببها الغمام يترتب عليها إكمال الشهر ثلاثين يوما، بناء على النص "فإن غم... الحديث" و تلك استحالة سببها أفول الهلال قبل غروب الشمس -ولا نص فيها- لكن يترتب عليها إكمال الشهر ثلاثين يوما قياسا على الحالة الأولى، لأن الاستحالة هي العلة الجامعة بين الحالتين.
ومحل النقاش هاهنا تحقيق المناط وتنقيحه وتخريجه وبيان القوادح، هذا إن سلمتم بكون علم الفلك علم مختلف عن التنجيم، قائم على معطيات ثابته، وله أجهزته المتطورة و حساباته الدقيقة بالملمتر حتى لكأنها بالمسطرة و البيكار.
فإن لم تسلموا بذلك، كان مدار النقاش على حقيقة علم الفلك؟
أمّا الذين أخبروا برؤية الهلال حال الاستحالة، فلا تثريب عليهم، و لسنا نطعن في عدالتهم، خاصة بعد أن ثبت بأجهزة العلم تصادف -وقت التحرى عن الهلال- مع بزوغ كوكبين متقاربين بحيث قد يخيل لمن ينظر إليهما أنهما الهلال.
أما وقد أصدرت لجنة مراقبة الأهله بيانها، فالسمع والطاعة، هذا فطرنا وعيدنا، فحكم الحاكم يرفع الخلاف، لكنه لا يحل حراما، ولا يحرم حلالا، ولا يقطع نقاشا علميا...
و من المناسب -في المستقبل-على لجنة مراقبة الأهله الموقره أن تمتنع عن تحرى الهلال متى ثبت لها بالعلم استحالة الرؤية بالعين المجردة؛
والله أعلم.