ثلاث فرص ثمينة ضيعها الرئيس السابق:
الفرصة الأولى : أن يكون قد قبل بإسقاط التعديلات الدستورية بعد رفض الشيوخ لها، لو فعلها لظهر بمظهر الرئيس الديمقراطي، ولكسب بذلك مكانة كبيرة..كان عليه منذ ذلك الوقت أن يفهم رسالة الشيوخ، وأن يبدأ في إرساء جو مصالحة وتهدئة مع الجميع بمن في ذلك خصومه السياسيين. وكان عليه أن يفعل ذلك تمهيدا لتنظيم انتخابات رئاسية شفافة لا ينحاز فيها لمرشح، ولا يتدخل فيها..لو أنه كان قد فعل ذلك لخرج من السلطة خروج الأبطال.. هنا لم يقبل الرئيس السابق أن يخرج من السلطة بطلا (محليا ودوليا) .
الفرصة الثانية : بعد أن ضيع الرئيس السابق الفرصة الأولى كان عليه أن لا يضيع الفرصة الثانية، والتي تتمثل في المحافظة على علاقته مع صديقه الرئيس الحالي، والعمل على مواصلة التمثيلية التي تقول بأنه خرج من السلطة طواعية، وأنه نظم انتخابات شفافة مكنت من فوز صديقه...هذه الفرصة ضيعها أيضا من خلال عودته ومحاولة استحواذه على حزب الاتحاد من أجل الجمهورية...هنا ضيع الرئيس السابق فرصة أن يخرج من السلطة وهو يمثل دور البطل (محليا ودوليا).
الفرصة الثالثة: هذه الفرصة يضيعها الآن، وهي تتمثل في فرصة الابتعاد عن الأضواء والعمل على أن ينساه الجميع حتى يعيش في أمان ...هذه الفرصة يبدو أنه قد قرر أن بضيعها أيضا من خلال مؤتمره الصحفي المنتظر والذي سيضعه في دائرة الضوء وسيجعله مكشوف الظهر أمام كل خصومه الحاليين: السلطة والأغلبية والمعارضة، هذا بالإضافة لكل ضحايا العشرية، وما أكثرهم..
يبدو أن الرئيس السابق قد قرر أن يدخل معركة سيكون فيها مكشوف الظهر أمام الجميع وهو لا يملك في هذه المعركة غير المتكافئة من سلاح غير "التدوين" أو مؤتمرات صحفية قد لا تجد فندقا تحتضنها!
هنا يضيع الرئيس السابق فرصة العيش كرئيس سابق آمن في وطنه، وهنا يفتح المجال لأن يحقق معه على تسييره خلال العشرية.
-----
ما يجري الآن لا يمكن أن أفسره إلا بشيء واحد، وهو أن الرؤساء الدكتاتوريين الانقلابيين قد حرموا من الخروج من السلطة كما يخرج الأبطال، وقد كُتِب عليهم أن تكون خاتمتهم السياسية غير مريحة وغير مشرفة. كل ما قام به الرئيس السابق منذ عودته إلى الوطن، وكل ما يقوم به الآن، يقربه أكثر لنهاية سياسية غير مشرفة، وذلك على الرغم من أنه كان بإمكانه أن يحتفظ بمكانة رئيس سابق معزز مكرم لو أنه لم يقرر أن يواجه صديقه الرئيس الحالي، ولو أنه لم ينازع صديقه الحاكم حاليا على ملكية "حزب الحاكم".
الأستاذ / محمد الأمين الفاضل.