لئن كان الخطاب السياسي يكسب صاحبه مفاتيح قلوب الناس والمجتمع، ويضفي عليه حُلة من القبول والهيبة، ولا سيما إذا كان ذا بعد تربوي واجتماعي، فإن أثر هذا الخطاب وإشعاعه يتفاوت حسب مواقع أصحابه من المسؤولية ومدى تحمل أمانتها، وباختلاف مكانتهم من المجتمع، وحجم دورهم وتأثيرهم في الشعوب. ولعل من المنصف -ونحن نتحدث عن الخطاب ومدى تأثيره- نشر المطوي من خطابات مرشح الإجماع الوطني محمد الشيخ أحمد الغزواني، التي امتازت جميعها بجزالة اللغة وعمق المضمون وإيصال المقصود. فمن المفارقات الخطابية العجيبة أنه بدأ حديثه وأنهاه دون تكرار أو حشو أو إهمال أو تمييز سلبي، وإنما حافظ على وتيرة تراتبية بين فيها حقيقة مشروعه السياسي؛ مؤمنا بالماضي كله؛ مدركا للجيد شكرا؛ ومتجاوزا عن التقصير صفحا جميلا، والمؤمل في غد أكثر تميزا. فمن مقاطعة واد الناقة حتى حط الرحال بمقاطعة بنشاب؛ كان حديثه متماسكا "طازجا" يعطي لكل منطقة مكانتها، مذكرا بكل دور في تأسيس الدولة، مستندا على أمجاد سياسية عريقة، حققها نظام العشرية الأخيرة، تحفظها دواليب التاريخ السياسي الناصع. إن الرصيد الضخم الذي يتميز به الرجل من "الفهم الأخلاقي للسياسة"، والمستمد من التجربة القيادية العظيمة للرجل ونجاعة تعاطيه مع القضايا الأمنية (التي تعتبر وعاء الممارسة السياسية والاقتصادية والاجتماعية)، كان لابد وأن يكسبه قوة نخبوية مندفعة لترجمة إيمانها إلى سلوك عملي ملموس يحقق حلم النجاح لقائد سياسي محنك، ورجل وطني مخلص، سيما وأنه أكد مرارا أن المشروع السياسي للنظام مستمر، الشيء الذي كان الشعب في انتظاره بين سطور الخطاب، وكيف لا وهو المتعطش لمواصلة الإنجازات التي جسدها فخامة الرئيس السيد محمد ولد عبد العزيز في عشرية "النضج التنموي"، ليقرر المخلصون للوطن (الناظرون بنفس اتجاه الشعاع) العمل على تحقيقه، بسيل من المبادرات السياسية الداعمة للمشروع والمستعجلة على مواصلة حلم البناء في ظل أياد أمينة على الوطن، تدرك حجم التحديات المحدقة به، بل وقد قطعت أشوطا عديدة في العمل عليها، كما أخبرت "حذام" الدول الخمس أمنيا، والتي تزعمهتها موريتانيا مؤسسة بفضل رجل الوطن مرشح الإجماع السيد محمد أحمد ولد الغزواني، وكذلك القمتين الأفريقية والعربية سياسيا وسياديا؛ واسأل المؤسسات الوطنية تخبرك اليقي ، يوم انتقلنا من دولة الشركات إلى دولة المؤسسات الفاعلة في ظل الحكم الرشيد. أخيرا حين نراقب من الزاوية السيكولوجية للشعب، ومدى تعلقهم بخطاب النظام وطموحاته وأهدافه المستقبلية ندرك أن ذلك بحد ذاته تبريرا لحجم التفاعل الاندفاعي، زد على ذلك واقعية التصور المشترك بين القيادة الأمينة والشعب الأبي. *.