بدأت سلسلة مسلسل تاريخ الانقلابات العسكرية في موريتانيا عام 1978، عندما أنهى العسكر حكم المختار ولد داداه، أول رئيس مدني بعد انتهاء الاستعمار الفرنسي، ثم توالت الانقلابات، سنة: 1979 و1980 و1984، ثم 2003 و2005، وكان وآخرها عام 2008.
تميز النظام السياسي الموريتاني منذ استقلال البلاد بسيطرة العسكر على الحكم، ما جعل عدم الاستقرار هو الطابع السائد حتى وإن طالت دورة النظام كما حدث مع نظام ولد الطايع الذي استمر لنحو عشرين عاما.
فمنذ حصول موريتانيا على استقلالها عن الاحتلال الفرنسي في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 1960، لم تشهد البلاد استقرارا سياسيا يفضي إلى تنمية تشعر بها الطبقات الفقيرة.
إذ بعد 18 عاما عاشتها نواكشوط في ظل حكومة مدنية يرأسها المختار ولد داداه عانت البلاد خلالها من استمرار حرب الصحراء واشتداد ضربات جبهة البوليساريو والشعور الذي ساد داخل أجنحة فاعلة في المؤسسة العسكرية بأن الوقت قد حان لوضع حد لهذه الحرب التي تبدو في الأفق بلا نهاية، قرر العقيد المصطفى ولد السالك بلورة هذا الغضب في تحرك عسكري، وكان صباح 10 يوليو/تموز 1978 هو نهاية سنوات حكم المختار ولد داداه وبداية حكم العسكر في البلاد.
ظن المصطفى ولد السالك أن الكأس الذي تذوق من خلاله طعم الحكم لن يتطلع إليه أحد غيره خاصة من زملائه العسكر، وكان للخلاف الجزائري المغربي حول التعامل مع ملف الصحراء الغربية وجبهة البوليساريو دور في ما آلت إليه الأمور بعد ذلك، إذ استطاعت وجهة النظر المغربية التي تولى قيادتها العقيد محمد ولد لولي ورئيس وزرائه القوي أحمد ولد بوسيف أن تتغلب فاستطاع ولد لولي القيام بانقلاب أزاح من خلاله ولد السالك عن الحكم عام 1979.
لم يهنأ ولد لولي بكرسي الرئاسة لأكثر من عام واحد أيضا، تماما كسلفه ولد السالك، إذ سرعان ما عاد مؤشر الميزان في الصراع السياسي يتأرجح من جديد، وعادت الاستقطابات الخارجية تلعب دورها بين أجنحة المؤسسة العسكرية، وكانت الغلبة في هذه الجولة للمقدم محمد خونا ولد هيدالة الذي كانت تربطه بالجزائر علاقات متينة وأصبح الحاكم الفعلي للبلاد من 1980 حتى نهاية 1984.
كانت فرنسا تراقب الوضع في مستعمرتها القديمة عن كثب، وتلاحظ بدقة طبيعة الصراعات داخل المؤسسة العسكرية، وتفكر جديا في أن يكون لها دور في ما يحدث، فاختارت أن تتحلى الجولة القادمة من الصراع بنكهة فرنسية.
وتحقق لها ذلك في 12 ديسمبر/كانون الأول 1984 حينما استطاع الرئيس فرانسوا ميتران وبعد إلحاح إقناع محمد خونا ولد هيدالة بمغادرة البلاد لحضور مؤتمر يجمع بعض زعماء أفريقيا وفرنسا في بوجمبورا عاصمة بوروندي، وما إن خرج ولد هيدالة من نواكشوط حتى أظهر غبار القلق ما كان يخفيه وصدقت نبوءة ولد هيدالة، فقاد العقيد معاوية ولد سيدي أحمد الطايع انقلابا عسكريا استولى من خلاله على الحكم في العام 1984.
وبعد عقدين كاملين عادت موريتانيا إلى أجواء الانقلابات فشهدت محاولة فاشلة قام بها العقيد صالح ولد حننا في يونيو/حزيران 2003، وبعد عامين وتحديدا في 3 أغسطس/آب 2005 نجح أعلي ولد محمد فال بدعم واتفاق مع المؤسسة العسكريةـ في انقلابه ضد نظام معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، ثم سلم السلطة إلى رئيس منتخب هو سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في أبريل/نيسان 2007.
وفي 6 أغسطس/آب 2008 وعقب قرار رئاسي بإقالة قائد أركان الحرس الرئاسي محمد ولد عبد العزيز وقائد أركان الجيش محمد ولد الغزواني، قام الاثنان على الفور بانقلاب اعتقلا خلاله الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ورئيس الوزراء يحيى ولد أحمد الوقف، وأصدر الانقلابيون بيانا يعلنون فيه تشكيل "مجلس الدولة".