.gif)
.jpg)
نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن الحصار الذي فرضته المملكة العربية السعودية وحلفائها على قطر. وبعد سنة من هذا الحصار الإقليمي، كانت قطر الجهة الفائزة بفضل تمكنها من تجاوز هذا الحصار، بينما فشلت المملكة العربية السعودية وحليفتها الإمارات العربية المتحدة في تحقيق أهدافها من هذه الأزمة الدبلوماسية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن حدث مقاطعة قطر وفرض حصار عليها قد أحدث السنة الماضية زلزالا في شبه الجزيرة العربية. وبعد 12 شهرا من هذا الحصار الوحشي، لم يمتثل الأمير القطري لأي من مطالب جيرانه. في الأثناء، باءت محاولات الوساطة بالفشل، مما عزز خطاب الحرب في المنطقة.
وبعيدا عن التهدئة، لا زالت مواقف كلا الطرفين ثابتة وعلى حالها بعد مرور سنة من الأزمة الدبلوماسية في الخليج العربي. وفي ظل هذا الوضع، أعلنت المملكة العربية السعودية عن مخططها الذي يسعى إلى تعزيز عزلة قطر وتحويلها إلى جزيرة، وذلك عبر بناء قناة تخلصها من حدودها البرية مع قطر.
وبينت الصحيفة أن الجهة الفائزة في هذا النزاع هي قطر. وفي هذا المعنى، أورد ديفيد روبرتس، الكاتب والباحث في كلية كينجز في لندن، أن "هذا الحصار كلف قطر خسائر مالية، لكن البلاد أحسنت التصرف أمام المصاعب والأحداث المفاجئة التي واجهتها، وهو ما أكدته جميع التقارير".
وأضافت الصحيفة أنه في نفس الوقت، فشل الرباعي الذي فرض الحصار على قطر في تحقيق أهدافه. وأضاف الخبير أن "الرباعي المحاصِر لم ينجح في إقناع أي دولة لها وزنها في المجتمع الدولي بموقفه تجاه قطر، في نفس الوقت لم تتمكن المملكة العربية السعودية وحلفاؤها من كسر قطر".
وبعد 12 شهرا من الحصار، لم تلب قطر أي مطلب من مطالب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. في الآن ذاته، استمرت القناة التلفزيونية، الجزيرة، في البث وفي تضخيم القوة الإعلامية للإمارة. علاوة على ذلك، لا زالت تركيا تحتفظ بقاعدتها العسكرية في قطر.
وأوضحت الصحيفة أن قطر تمكنت من التغلب على الحصار وتجاوزه عن طريق تحويل عزلتها الإقليمية إلى فرصة تستفيد منها. وأوضح كريستيان أولريشسن، الخبير في الشأن القطري في الجامعة الأمريكية بواشنطن، أن "القطريين أظهروا نوعا من المرونة والبراغماتية الكبرى للتكيف بسرعة مع الواقع الجديد، وإنشاء اتفاقات تجارية ولوجستية بديلة قللت من تكلفة الأزمة التي تعد أمرا لا مفر منه".
وبينت الصحيفة أنه على الرغم من الخسائر التي تكبدتها قطر نتيجة الحصار، إلا أنها لم تواجه مشاكل كبيرة بفضل امتلاكها لأصول منتشرة في جميع أنحاء العالم. كما تمكنت الإمارة من الحفاظ على مركز ثالث مزود في العالم للغاز الطبيعي المسال. ووفقا لشركة "فوكوس إيكونوميست" للأبحاث، حققت هذه البلاد نسبة نمو اقتصادي في حدود 2.9 بالمائة بفضل ارتفاع أسعار النفط والإصلاحات الاقتصادية وازدهار البنى التحتية في إطار التحضير لكأس العالم 2022.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحصار الذي قادته المملكة العربية السعودية وحلفاؤها ضد قطر قد فشل لأن الدول المحاصرة قد ارتكبت منذ البداية خطأ في حساب وتقدير تحركاتها بالشكل المناسب. وفي هذا السياق، نقل المحلل السياسي، أولريشسن، أن "دول الحصار أطلقت الحظر على قطر مفترضة أن تعمل إدارة ترامب على دعمه وتعزز العزلة على قطر. لكن، فشل هذا المخطط".
ونقلت الصحيفة عن أولريشسن قوله إن "الخطأ في التقدير الأكثر أهمية والمرتكب من قبل دول الحصار يتمثل في التفكير في أن كسب دعم الرئيس الأمريكي يعني الحصول على ولاء باقي أعضاء الحكومة الأمريكية. لكن هذا الاعتقاد يقلل من شأن قوة المؤسسات الأمريكية وتأثير البيت الأبيض في الرئاسة الأمريكية".
ومن بين العوامل الأخرى التي عززت فشل الحصار على قطر، يمكن الحديث عن القاعدة الأمريكية في هذه البلاد، التي تعد أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة. علاوة على ذلك، استخدمت هذه القاعدة لقصف تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
وذكرت الصحيفة، في الحديث عن تكلفة الحصار، أن كلا من المملكة العربية السعودية وحلفائها وقطر قد حققوا خسائر في ظل هذه الأزمة. وفي مرحلة أولى، تم تجميد الروابط التاريخية والأسرية والقبلية بين الشعوب الشقيقة. علاوة على ذلك، تضررت العلاقات التجارية المزدهرة بين دول الحصار وقطر. وأضاف المحلل السياسي أن "المؤسسة الأكثر تضررا من أزمة الخليج هي مجلس التعاون الخليجي".
وأوردت الصحيفة قول المحلل روبرتس، الذي جاء فيه أن "قطر لديها احتياطيات مالية للبقاء على قيد الحياة وتحقيق ازدهار اقتصادي على المدى القصير والمتوسط. وفي حال تمكنت من التقدم بخطى حثيثة فسوف تضمن تطورا اقتصاديا على المدى الطويل".
ونوهت الصحيفة بأنه في المقابل، يحوم غموض حول مستقبل المملكة العربية السعودية، في ظل الإصلاحات التي يقودها ولي العهد، محمد بن سلمان. علاوة على ذلك، لم تلاق الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية استحسانا لدى العديد من فروع العائلة المالكة السعودية، وهو الحال أيضا بالنسبة للصعود المدوي في السلطة لولي العهد السعودي، مما عزز حالة عدم يقين حول استراتيجيته.
وفي الختام، نقلت الصحيفة عن المحلل أولريشسن أنه "لا توجد أي مؤشرات تحيل على إمكانية ذوبان الجليد بين المملكة العربية السعودية وحلفائها من جهة، وبين قطر من جهة أخرى. كما أنه يجب الانتظار لمدة سنوات لتقييم الأزمة بشكل صائب".
