قال محللون سياسيون، إن الاحتجاجات المتصاعدة التي يشهدها الأردن، منذ نحو أسبوع على وقع طرح الحكومة المستقيلة، لقانون الضريبة، بعثت عدة رسائل للداخل والخارج، ودقت "ناقوس خطر" لكافة الأطراف.
ومنذ الأربعاء الماضي، ينفذ الأردنيون احتجاجات، في كافة المحافظات، بدأت عقب طرح الحكومة قانون الضريبة، وزاد من اشتعالها رفع أسعار الوقود والكهرباء.
وانخرطت النقابات المهنية، في الاحتجاجات منذ البداية، ونفذت إضرابا عاما لكافة منتسبيها في القطاعات المختلفة بالأردن، بالإضافة لدعوتها للإضراب غدا الأربعاء، والذي ربطت تنفيذه بإصرار الحكومة على قانون الضريبة وعدم سحبه.
رسالة لأغنياء العرب
وفي هذا الصدد قال الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي، إن احتجاج الأردن "وجه رسالة قوية للدول الغنية بضرورة التوقف عن إدارة الظهر للأردن، والضغط على حليفه لتمرير مشاريع في المنطقة، سواء فيما يتعلق بحرب اليمن، أو مبادرة دونالد ترامب بشأن القضية الفلسطينية".
وأوضح الرنتاوي لـ"عربي21" أن الاحتجاجات أبلغت كافة الأطراف أنه لن يكون مقبولا بعد اليوم، من الدول التي تجاهلت الأردن خلال السنوات الماضية، أن تستمر في سياساتها.
وأشار المحلل السياسي إلى أن اليومين الماضيين، شهدا اتصالات عبر القنوات الدبلوماسية، ولدت شعورا بأن العواصم التي تخلت عن دعم الأردن، استشعرت خطورة سياساتها ومواقفها في المرحلة الماضية، وما يمكن أن يترتب عليه من تداعيات ليس على مستوى الحدود الجغرافية فقط بل على مستوى الإقليم.
وعلى الصعيد الداخلي قال الرنتاوي إن الاحتجاجات "أعادت الروح للربيع العربي الذي جاء بشعارات الحرية والكرامة والرفاه للشعوب قبل اختطافه والتآمر عليه".
ولفت إلى أن "روح الربيع العربي لا تزال تحوم فوق العديد من العواصم العربية، وما جرى في الأردن أثبت أن مهمة الربيع، لم تنجز بعد والحالة الأردنية تقترب من تحقيق أهدافها ضد حكومة التأزيم".
وشدد على أن قانون الضريبة في طريقه لأن "يسحب من البرلمان، بعد احتجاجات الشارع، التي تقدر بنصف مليون مواطن أردني على امتداد رقعة البلاد".
وأضاف: "الأردنيون بعثوا برسالة هامة، أنهم في طريقهم لاستعادة دورهم، بشعارات واقعية تجلت في الهتافات، والشعارات المنضبطة التي رفعها المتظاهرون".
ورأى الرنتاوي أنه وعلى الرغم من اختلاف الهدف الرئيس للاحتجاج، بين الأردن وغزة، إلا أنه قال: "إن الشعبين بشأن القضية الفلسطينية وصفقة والقرن وحقوقهما أثبتا أنهما رقم صعب، ولا يمكن لبعض العرب المقتدرين ماليا وعسكريا أن يحكموا هذه المنطقة بعيدا عن إرادة شعوبها".
تغيير التحالفات
من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد سعيد نوفل، إن رسائل الاحتجاج، تركزت في الداخل، مع بعض الإشارات للمحيط الخارجي.
وقال نوفل لـ"عربي21" إن رسالة الحراك المحتج، "توجهت مباشرة لصانع القرار بأن الحكومة فشلت في تخفيف الأعباء عن المواطنين، وبدلا من ذلك فشلت في حل المشاكل الاقتصادية، ودفعت الأوضاع لمزيد من التدهور، وكان مطلوبا منه أن يغير النهج برمته".
ولفت إلى أن "المواطنين الأردنيين، منحوا الحكومة العديد من الفرص لكن مع عدم استجابتها لمطالبهم، وصبرهم على الضغوطات المتزايدة استلموا زمام المبادرة، وأوصلوا الرسالة للملك عبر احتجاجات على امتداد البلاد".
ورأى أن "المواطنين الأردنيين أعطوا الفرصة تلو الأخرى للحكومات المتعاقبة منذ سنوات، على أمل أن يحدث تحسن لكن الوضع كان يزداد سوءا، وجيوبهم تتعرض للإرهاق المالي، وبدلا من لعب مجلس النواب الدور الرقابي، لمحاسبة الحكومات على فشلها، تغولت الأخيرة عليه مستغلة العلاقات المصلحية".
لكن نوفل لم يغفل الوضع الإقليمي المحيط بالأردن، وقال إن هناك أبعادا خارجية مرتبطة بصفقة القرن، والضغوط الإسرائيلية الأمريكية على الأردن.
وأضاف: "في السابق كان الأردن بحكم موقعه والاتفاقية المبرمة مع إسرائيل، يلعب دور نقل الرسائل بين بعض العرب وتل أبيب، لكن الآن تلك الدول بدأت تعترف بتدشين علاقات مباشرة، مع إسرائيل وهنا بدأ تجاوز الدور الأردني".
وشدد نوفل على ضرورة أن يغير الأردن من سياساته الإقليمية، لأن "التحالفات الحالية ثبت فشلها، والدول في عالم السياسة تبحث عن مصالحها وطالما أن الحلفاء يهددوننا فعلينا التفكير باتجاهات أخرى".
وتابع: "على الأردن تطوير علاقاته مع تركيا وإيران، على الرغم من بعض المواقف السلبية، تجاه سياسات بعض الدول لكن يجب البحث عن بدائل لتجنب العزلة".