علينا أن نعمل جادين داخل قطاع العدل علي تكريس استقلالية القضاء من خلال اعتماد قانون جديد للنظام الأساسي للقضاء يؤسس هذا القانون الجديد ؛ لخلق الظروف المناسبة التي تحتمها ضرورية حسن سير وأداء المرفق القضائى نحو الأفضل..لا شك أن مقتضيات دولة القانون وتحديات محاربة الإرهاب و الفساد و الطموحات الاقتصادية والأمنية للبلد و القيود المختلفة التي يشترطها المستثمرين وحاجيات المتقاضيين المتزايدة و المشروعة و تشعب وتداخل الظاهرة الإجرامية والاجتماعية و الاقتصادية.. فضلا عن تعقد و تسارع وتيرة وسائل الإثبات الالكتروني … كلها امور تصب في هذا التوجه الإصلاحي الذى أصبح العالم فيه “بيت واحد” والقضاء داخل الدول العنوان الأبرز والقيمة الثابتة لضمان الاستقرار..فالتحولات التي تشهدتها موريتانيا علي المستوي التنموي والتوجهات نحو تكريس اللامركزية علي مستوي ولايات الوطن من خلال إنشاء أقطاب اقتصادية جهوية؛ تلبي حاجات مختلف الولايات عبر مجالس جهوية منتخبة في إطار مبدأ” تقريب الادارة من المواطن ” و تحقيق الظروف المناسبة للتنافس الإيجابي بين مختلف ولايات الوطن مع إبراز خصوصياتها التنموية ..جميع هذه خطط التنموية يقتضي تعزيزها ؛وجود قضاء قوي يلعب دوره المحوري في توفير الحماية اللازمة للمواطن و للوطن و لجميع مكتسباته ؛ ومن هذا المنطلق اذا يتعين.. اولا؛ انشاء هيئة مستقلة تحل محل المجلس الأعلى للقضاء تضم امانة دائمة علي رأسها امين عام؛ تعني بالنظر و اعداد ملفات تحويل القضاة و تقدماتهم وكفاءتهم وترقياتهم؛و الغاء مسطرة المعادلة و النسبية المستخدمة حليا في اعتماد تقدمات القضاة نظرا للعقبات التي تضع أمام استفادة القضاء من جميع كفاءاته و تحديدأ الشابة منها ..هذه الطاقات البشرية التي لا يمكن الاستفادة منها في الوقت الراهن
لرئاسة غرف في استئنافيات الوطن و تحديدا في المحكمة العليا ؛رغم حاجة الجهاز القضائي الماسة لشغل مناصب عليا في القضاء الوطني من قبل هؤلاء القضاة..كما يتعين ثانيا؛ استحداث داخل المجلس آلية جدىدة للتفتيش القضائى مستقلة و منفصلة عن وزارة العدل لمتابعة و ضبط و تقييم العمل القضائي بتجرد في حدود؛ احترام استقلالية القضاء و قناعة القاض .. كما يتطلب ثلاثا ؛القانون الجديد انشاء مجلس لتأديب القضاة في حالة قيامهم بتجاوزات مخلة بشرف وواجبات المهنية يعاقب عليها قانون النظام الأساسي للقضاء.
فبقدرما يواجه القاض واجب يحتم عليه قدر عاليا من المهنية و الاستقامة ؛بقدرما واجه ايضا واقعا صعبا فرضته ارهاصات العمل القضائي.. كضعف الضمانات القانونية الناجعة التي تحميه من مختلف وسائل الضغط و “الإكراه” …
ا لا ينبغي من هذا المنطلق- والحال كذلك- ابعاد شبح تحويل و إقالة و ترقية القضاة الذي يعتبر وفق القانون الحالي سيف في يد وزير العدل؛ يستخدم وقت انعقاد السنوي لكل دورة للمجلس الأعلى للقضاء..ا و لم يكن من نتائجه تجاوز بعض وزراء العدل المتتاليين علي وزراة “الوصية” للعدل لتمرير ترقيات ورفض تقدمات دون أي سند قانوني .. ا لا يتنافي ذلك أحيانا مع احترام مبدأ فصل السلطات الثلاثة .. ا لا يفترض في الوزير المعني بقطاع العدالة وفق اختصاصه تكريس استقلالية السلطة القضائية عن باقي السلطتين ..السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية ؛وفق ما ينص علي ذلك الدستور و تؤكده الممارسة الفعلية لدولة القانون؟؟؟
القاضي/سيد محمد شينه_رئيس قطب التحقيق المكلف بالارهاب وجرائم أمن الدولة .