اليوم تحل ذكرى رحيل أبي الأمة وبانيها المختار ولد داداه.. وقد كنت قلت أرثيه حينها:
((يا أبانا استغفر لنا!))
((يا أبانا استغفرْ لنا كنتَ فينا
قائدا رائدا مطاعا أمينا
هاديا مَهديا فلما اعتدينا
وعدونا وهنًا عليك ابتُلينا
عقّكَ العسكرُ الذي أنتَ منه
والدٌ ثم صار فينا مكينا
فرضينا بما جرى ورضخنا
وضحكنا وحالنا يبكينا
مذ رضينا بما أتوهُ مرضنا
ولوآنا لم نرضه عوفينا
كل عام يجيء نزداد وهْمًا
تكبرُ الأوهام الصغيرة فينا
مرَّ عَقدٌ ومر عقد وعقد
ما رجعنا عن وهمنا وارعوينا
"أنقذونا" فما انتقذنا فجاءوا
بـ"خلاصٍ" من بعده بسنينا
ثم جاءوا بغيره كلما قد
راقهم شيءٌ جربوه علينـا
***
يا أبانا استغفر لنا كنتَ فينا
ملجئا آمنا وحصنا حصينا
قد لعقنا دماءَ كل فقير
وأكلنا لحومه طائعينا
وجعلنا طفلَ الحجارة لصا
خائنا والغازي له مسكينا
وبني السامريِّ أصحابَ فتح
لا غزاةً لأرضنا غاصبينا
وجعلنا دمَ العروبة فينـــا
باردا وهْو كان فينا سخينا
وأضعنا الضاد التي قد رضعنا
وجعلنا الإسلام فينا عِضينا
لكأن ابن عقبةٍ لم يلدنا
قط يوما ولا ابنَ تاشفينا
قد نسينا أن اليهودَ يهودٌ
واتخذنا جمع الدراهم دينا
ومسحنا جباههم ونسينا
دير ياسين في الذي قد نسينا
***
يا أبانا استغفر لنا كنت فينا
رجلا بالمقدسات ضَنينا
سامِح المذنبين منا جميعا
أنت ممن يسامحُ المذنبينا
وتبوأْ من الجنان مكانا
عاليا شئتَه وضيئا وضينا
لك فيه الذي تشاء جميعـا
أنت أهلٌ لمثلِ هذا يقينـا
كم أغثتَ الملهوف وهْنًا ووهْنًا
كم أعنتَ الفقير والمسكينا
يا ابن شنقيطَ شمسَها وضحاها
بدرَها حبلَها القويَّ المتينا
فخرَها ذُخرَها سَناها هُداها
ومُناها مُختارها الميمونا
جادتِ الغادياتُ فاهنأ قلوبا
صرتَ فيها قبل القبور دفينا
ونمِ الْيَوْمَ هانئًا وسعيدا
أنت فيما نرى من الآمنينا
عادلٌ مقبلٌ على حُكمِ عدلٍ
محسنٌ قادمٌ على محسنينا
لك ألا نخون بعدك دربًا
سرتَ فيه أمامنا ما بقينا)).