عانت ولاية اترارزة منذ ما يزيد عن ثلاثين عاما التهميش المتعمد، بدأ ذلك التهميش في إقصاء التلاميذ المشاركين في المسابقة الوطنية لدخول السنة المرحلة الإعدادية؛ حيث على الطالب بولاية اترارزة الحصول على 120 نقطة للتجاوز، بينما كان يتجاوز التلميذ في أگجوجت و أطار مثلا ب 45 نقطة حتى عهد قريب!
وهي سياسة متعددة العيوب:
1. المفروض أن لا محل لتعدد المكاييل في مسابقة متحدة المنطلق والغاية والوسيلة.
2. تمييز مقرف.
3. تمييز ضد الصغار.
4. تمييز تحت مظلة الدولة وباسمها وبوسائلها وفي أحد أهم قطاعاتها.
5. تفتح هذه السياسة أبواب الانحراف والبطالة والطحن الاجتماعي أمام أطفال أُقْصُوا ظلما على العتبة الأولى عقابا على انتمائهم الجهوي.
6. تربك الخطط والبرامج التربوية، حيث تتباين مستويات الطلاب تبعا لاختلاف ولاياتهم!
7. تضر بالذين أريدت محاباتهم بها، حيث يجد الطالب المتجاوز بدرجات متدنية نفسه بين آخرين تجاوزوا بضعفي معدله، فيتحتم على الأستاذ معاملته كذي احتياجات خاصة لضمان استفادته!
وقد عبر أحد وجهاء مدينة المذرذرة للرئيس معاوية ولد الطايع عن التظلم بطريقة لا تخلو من طرافة حيث قال سيدي الرئيس: نطلب منك مساوة أبناء الولاية بأبناء الولايات الأخرى ورفع الظلم عنهم. فرد الرئيس قائلا: تلك سياسة انتهجناها ليلتحق باقي الولايات بولايتكم؛ فنسبة التمدرس بها عالية.
فرد عليه صاحب أهل المذرذرة : "ذاك الصَّ أنا عندي بتيك سقط أحكم لي أهل انويگظ و أهل عبد الله إلين نتلاحگ بيهم".
عانت كذلك من التهميش في شتى مجالات التنمية رغم قدراتها وفرصها ومواردها الهائلة..
تم التخلي عن دعم الزراعة لكي لا تتطور وتصبح رقما فاعلا في الدورة الاقتصادية.
ترك الطريق التي تربط بين عاصمة الولاية والعاصمة انواكشوط للتهالك المتفاقم لكي لا يكون طريقا دوليا ينعش التبادل التجاري بين دول الجوار.
اليوم تتربع الرقعة الترابية لولاية اترارزة المهمشة على مخزون هائل من الغاز؛ هذا حسب قول شركة بريتش بتروليوم بأنها تسعى - بالشراكة مع شركة كوزموس للطاقة- إلى تحقيق اكتشافات غير مسبوقة من خلال مشروع يرمي إلى جلب موارد الغاز الطبيعي المسال المكتشفة حديثا قبالة سواحل الولاية إلى السوق العالمية.
وتعد كوزموس مكتشفا كبيرا في مجال الطاقة، وفي عام 2015 قامت باكتشافات مهمة في موريتانيا والسنغال؛ أكبرها حقل تورتو (حوالي 15 تريليون قدم مكعب من الغاز في خزانات عالية الجودة). وهناك المزيد في المستقبل، مع حفر أربع آبار للتنقيب في العام الحالي 2017 حسب الشركة التي أبدت تحمسها لإمكانات المستقبل.
وتعتقد عملاق البترول البريطانية أن هناك إمكانات تصل إلى 50 TCF من الغاز؛ وهذا يعادل كل إنتاج الغاز الحالي في إفريقيا منذ ما يقرب من سبع سنوات، وهو ما يتيح استمرارية الأعمال لمدة 30 إلى 50 عاما من الإنتاج.
ونشرت الشركة تقريرا رسميا مفاده أن عصرا جديدا للطاقة سيبدأ بعد اكتشافات سواحل الترارزه، فهل ستساهم هذه الثروة في تلميع صورة الولاية على الأقل في أعين الساسة الكارهين لها و لساكنتها ؟!
قد يكون من التفاؤل المفرط الاستبشار بأي بارقة أمل ما لم تتغير السياسة المتبعة اتجاه الترارزه؛ فبناء على ما هو مشاهد سيتهافت الغرباء على الفرص المتاحة باختلاف مستوياتها ولن تجني الولاية سوى الخراب والدمار والمزيد من الحيف والغبن.
أخيرا من الطريف أن التهميش والتجاهل وصل إلى حيث لا يتصور؛ فالتلفزيون الرسمي يبث مناظر طبيعية من كل أرجاء الوطن باستثناء ولاية الترارزه؛ وهو أمر غير مفهوم، على الأقل لإبراز مكان يمكن غصبه والاستيلاء قسرا عليه.
نقلا عن صفحة الكاتب الموهوب / البراء ولد محمدن .