تجتمع القبيلة في القرية وتستدعي إحدى القنوات الخاصة، ثم يتجول ميكروفون القناة حاملا شعارها بين الجموع التي اصطفت أصلا للتصوير ولا لغيره، ومن خلال التدخلات يتضح أكثر أن البروفة هي فقط استعراضية.
عودة القبيلة بقوة في المشهد الإعلامي والسياسي في موريتانيا، مؤشر على ضعف التنظيمات السياسية والهيكلة الإدارية والقضائية للدولة، وليس دليل نصرة ولا عزة لهذا القائد أو ذاك المقود.
لأن الفرد القبلي بطبعه يبحث بشكل دائم عن مجال تضامني يحتمي به من غوائل الدهر، ولأن القبيلة تحتاج للعنف البدني أو اللفظي وبؤر للتوتر الدائم كي تتماسك وتتضامن خلف الجماعة.
وفي خضم ذلك المشهد تنحني الجمهورية محاباة وتستسلم المؤسسات مداهنة لتمرير قرار أهل الحل والعقد.
لست ضد القبيلة في جانبها التضامني التعاضدي، لكني أشعر بالانتماء للجمهورية أكثر.
ذلك أني حين أُظلم في سيليبابي أو بير ام اغرين فإن المؤسسات الجمهورية هي وحدها التي سترفع عني الظلم فقبيلتي قد لاتتكاثف في المدينتين، ولأن الجمهورية ستحميني وتحمي خصمي من حمية قد تزيد الطين بلة لأنها موروث ليس مؤاتيا للحداثة.