حملةالكتاب " يا اللي ذاك يعرف ش لكتابو " مازالت في الذاكرة تلك الترهات و الأغاني و السهرات , و يتكرر المشهد وحملة التعديلات , شعر , شعراء , أغاني ,شعارات وأنه لولاه ما كان مطر و لا شرب طير و لا بشر, قالوها لولد الطائع وأنه يحيي و يميت , وقالوا لعزيز انه يطعم من جوع ويؤمن من خوف , الحزب الجمهوري ملة واحدة مشهد يتكرر , حملات و صخب و سهرات , وعودة رجالات " الرجل الحرباء " لا يفارق الميدان في بلاد البيظان , وصف الرئيس السابق بأنه مؤمن آل فرعون واليوم يتقرب للرئيس ويصفه و أنه كذا و كذا قالوها لمن سبقوك و تخلوا عنهم بعد حين , الحرباء لا يعول علي لونها , ثقافة اختلط فيها الدين بالنفاق بالسياسة بالكذب باظهار الولاء الخادع , وتحولت الساحة الى صراع من أجل البقاء واندفاع لامتلاك المال و العقارات و الاسواق , وانصرف هم الرجال ,فأصبح الرجل القدوة الحسنة هو ذاك الذي يمتطي سيارة رباعية الدفع " في اكس " , " ابرادو " اوغيرها , فخ وقع فيه الكل"فخ المدنية الزائفة ", محدثا نفسه يقول : صحيح انني محاط بعشرات الاقرباء من الأسر الفقيرة ولكن لا بد ان أساير الركب , لا بد من سيارة فخمة ومنزل فخم في الصكوك , الراتب لا يساعد علي ذلك لكن لايهم , المهم موضع قدم وحضور" امشعشع " في اجتماعات القبيلة , في الساحة , في الاعلام , في المسيرات , موالات , معارضة, شعارات وصورة نمطية تتكرر...
مسطرة الرواتب في موريتانيا ( الدولة الفقيرة لحد الآن ) , لا تخول لصاحب أكبر راتب ان يبني قصرا بالعشرات ويقتني أفخم السيارات , فمن اين لكم هذا يا موظفي الدولة ؟ , ام هو الطرح " انا من غزية فان ترشد أرشدي و إلا ..." , الفساد خيار , فلا تحاول يا صاحبي ان تقنعني بأن أحدا ما أرغمك عليه , تقول ان مسؤول سامي في الدولة اتصل عليك وقت العمل و طلب منك ان تجمع له عشر أسر ليصوتوا لصالح حملة التعديلات و ان موظفين أمثالك في وزارات أخرى طلب منهم ذلك و انها تعليمات عليا , لنفترض انها كذلك و ان المسؤول السامي صادق فلما لا ترد عليه بانك موظف في قطاع الطاقة وأنك الان تزاول مهامك في الوزارة ولست في الحي و بين الاسر , و أن هذا موضوع اجتماعي يتعلق بأصوات أسر و يستحسن ان يناقش في المنزل لا في الوزارة , كانت الدردشة عبر الهاتف , سكت صاحبي برهة و قال : لا أستطيع , و اضاف : انت تريدني ان افقد منصبي , فقلت : هذه التعليمات ليست من القيادة العليا بل هي من الوزراء و موظفي الدولة, فالدولة ضحيىة موظفيها و مثقفيها , فان كان العسكر كما يتصور البعض مخربون فالمجتمع المدني و خاصة موظفي الدولة و مثقفيها موالاة و معارضة أكثر خرابا وتخريبا لهذه البلاد ,نعم قد يقبل مثل تلك التعليمات للحزب و المنخرطين فيه لكن أن توجه لموظفي الدولة و الادارة و المؤسسات الحكومية فلا , لا أحد يصدق , فكله منكم انتم الوزراء و انتم الموظفون المدنيون , قولوا انها مبادرات فردية تخريبية , توهمون الناس بها و بغياب الدولة ( دولة المؤسسات ) و انها دولة أشخاص , وأنه لكي يحافظ الشخص علي منصبه فعليه أن يجري وراء فلان و علان وأن يتقرب بالمبادرات و المهرجانات ....
انتم يا موظفي الدولة من المدنيين بالذات , انتم من خرب الدولة و يريد لها ان تستمر في الفساد و في منهج الخراب وفوضى الحريات و التسجيلات التي لا تعد فقط تشويها للأشخاص المنسوبة اليهم و المذكورين فيها فحسب انما هي كذلك رسالة للشعب وترسيخ في الأذهان انها دولة أشخاص " ولد قد , ولد بوعماتو , ولد حنن , المعلومة , ولد عبد العزيز , ولد منصور , ولد بلخير ... " و انها ليست دولة مؤسسات ...
فيا صديقي المهندس , انت مهندس مرموق فلا تتركهم يجروك " في السيل " معهم في غوغاء و فوضى ولا مبالات يراد لها ان تستمر لعقود , بل أصمد و رد بثباة علي المسؤول السامي وقل له انك لا تشتغل عنده بل انك تشتغل عند شيئ اسمه الدولة الموريتانية و أن هذه الدولة لا تتمثل في شخص انما في مؤسسات وهي التي تصرف لك راتبك سواءا وجد هذا الشخص ام غاب , و أنك تمارس عملك في الوزارة كمهندس ولست متفرغا لطب الناس وحشدهم للتعديلات, بل أكثر من ذلك , فقل له أن يعتذر لك من توجيهه لك هذا النوع من الطلبات , فماذا تخشى يا صاحبي ؟ أن تفقد عملك , ان كنت كذلك , فالرزق في السماء و باب الاستقالة مفتوح و لا أحد يرغمك علي الفساد , نفسك فقط و تبريراتك الخاطئة ... فإما أنها دولة مؤسسات فحق لنا كموظفين ان نستمر و اما انها دخلت المرحلة " الدولة هي أنا " ففي هذه الحالة علينا كلنا كموظفين ان نستقيل لاعادة الأمور لمجاريها و عودة الدولة او بأحرى خلق " الدولة هي نحن جميعا " دولة المؤسسات لا دولة الفرد و العائلات ...
وختاما فشعبنا مسالم وذكي و لا أخاله يرضى ان يجعل منها قضية " مسألة المأموريات والتعديلات "فيندفع و يجعل من الحبة قبة , يا معارضة و يا موالاة ثمة أولويات .