ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن ولي العهد الجديد في السعودية الأمير محمد بن سلمان بدأ حملة قمع وملاحقة للمعارضين له في الأسابيع القليلة الماضية، في محاولة منه لإسكات الناشطين ورجال الدين، بالإضافة إلى ولي العهد السابق الذي أطيح به قبل أسبوعين.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أصدر سلسلة من القرارات التي غيرت شكل الخلافة في السعودية، ورفع ابنه، البالغ من العمر 31 عاما، لاستلام منصب ولي العهد، وأطاح بابن أخيه ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، الذي كان يحظى باحترام كبير لدى المؤسسة الأمنية الأمريكية؛ لدوره في محاربة تنظيم القاعدة داخل السعودية.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وسعوديين مطلعين على الأوضاع، قولهم إن هذه الإجراءات جارية ضد المعارضين، وقال واحد منهم: "يريدون التأكد من عدم وجود مؤامرة".
ويورد التقرير نقلا عن ممثل للديوان الملكي، قوله في رسالة هاتفية، إنه لا توجد أي قيود على تحركات الأمير ابن نايف "في داخل السعودية أو خارجها"، وقال في رسالة إلكترونية إن الأمير استقبل ضيوفا منذ التغيير في القيادة.
وتستدرك الصحيفة بأن المسؤولين الأمريكيين والسعوديين تحدثوا عن جهود لتكميم الأصوات داخل السعودية، التي تضم مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي وحسابات الناشطين والمدونين واختراقها، بالإضافة إلى أن وزارة الداخلية استدعت بعض الناشطين ورجال الدين، الذين يخشى من دعوتهم للاحتجاج على وسائل التواصل؛ للتحقيق معهم، حيث طلب من واحد من هؤلاء السكوت وإلا واجه السجن، بحسب بعض الأشخاص المطلعين على هذا الأمر.
ويلفت التقرير إلى أن الديوان الملكي لم يرد على الأسئلة حول الجهود الأوسع لإسكات المعارضين، التي وصفها الأشخاص المطلعون، مشيرا إلى أن المملكة تحظر إنشاء الأحزاب السياسية، والتجمعات العامة والاحتجاجات، ولا توجد فيها اتحادات عمال، وعادة ما يؤدي نقد العائلة المالكة إلى السجن.
وتذكر الصحيفة أن المملكة شددت منذ أحداث الربيع العربي عام 2011 على جهود ملاحقة المعارضة، وفرضت قيودا قاسية ضد ما ينشر على الإنترنت، من مواد ينظر إليها على أنها مهينة للحكام، أو تهدد النظام العام.
ويذهب التقرير إلى أن حملة القمع الأخيرة تنبع من التغيير في القيادة والحصار الذي فرض على قطر، إلى الدرجة التي جعلت العديد من المسؤولين الأمريكيين والمراقبين السياسيين يعبرون عن قلقهم من حدوث اضطرابات جديدة، لافتا إلى أن حصار قطر يدعمه ولي العهد، الذي قوى الملك من سلطاته، في الوقت الذي كان يدعو فيه ولي العهد السابق ابن نايف إلى نهج دبلوماسي هادئ لمعالجة الأزمة.
وتنوه الصحيفة إلى أن خلافات الرأي بين الأميرين أدت إلى تحرك الملك سلمان وتغيير القيادة، مشيرة إلى أن الدبلوماسيين الأمريكيين ذوي الخبرة يشعرون بالخوف من صعود أمير يدعم سياسة خارجية حازمة، خاصة أنهم تعاملوا مع السعودية على أنها مصدر للاستقرار في المنطقة.
ويبين التقرير أن محمد بن نايف كان شخصية موثوقة لدى المسؤولين الأمريكيين، مع أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مال نحو الأمير ابن سلمان، حيث قابله في كل من الرياض وواشنطن.
وتنقل الصحيفة عن ستيفن سايمون، الذي تولى مهام تتعلق بالشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي في عهد كل من بيل كلينتون وباراك أوباما، قوله إن محمد بن نايف "ونظراءه الأمريكيين كانوا يتفقون مع بعضهم في الأمور"، وقال دبلوماسي آخر إن الجهاز الأمني كان يعتمد على الأمير الذي تم تهميشه.
وبحسب التقرير، فإن الشكاوى بشأن التصعيد مع قطر أدت بالسعوديين إلى زيادة جهود مراقبة المعارضين واتصالاتهم، وذلك في الأسابيع التي أدت لعملية تغيير ولاية العهد، منوها إلى أن مسؤولين يعملون مع محمد بن سلمان استخدموا "هاكينغ تيم"، وهي شركة إيطالية توفر أجهزة رقابة للحكومات.
وتشير الصحيفة إلى أن عددا من النقاد توقفوا عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أخبر الشيخ بدر العامر أتباعه بأنه سيتوقف عن استخدام "تويتر" وغيره من وسائل التواصل وللأبد، لافتة إلى أن توقفه جاء بعد تغريدة قال فيها إن الكثير من الشيوخ والمثقفين يعتقدون بصحة ما تقوله قطر، وبأنها لا تدعم الإرهاب. وقال المحامي إبراهيم المديميغ في 27 حزيران/ يونيو، إنه سيترك التعامل مع "تويتر"؛ لأسباب صحية، وعبر عن أمله بقيام القيادة السعودية بالإفراج عن السجناء السياسيين.
ويكشف التقرير عن أن أحد العناصر الرئيسية في جهود ملاحقة الاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي هو موظف يعمل لدى ولي العهد الجديد، يدعى سعود القحطاني، وهو مستشار للديوان الملكي، حصل على رتبة وزير عام 2015، وشن حملة على "تويتر" ضد قطر، واتهمها مع بدء الحصار في 4 حزيران/ يونيو، بالتخطيط قبل سنوات لاغتيال الملك عبد الله.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن المسؤولين في وزارة الداخلية يؤدون دورا في ملاحقة الناشطين والأصوات المعارضة، وبدأوا قبل أسابيع باستدعاء الناشطين والصحافيين والخطباء وغيرهم، ممن ينظر إليهم على أنهم تهديد، للمقابلة، وطلب منهم التوقف عن الحديث.