شكلت الحوادث المتتالية للطيران العسكري جدلا عاما لدى المراقبين والرأي العام، و بغض النظر عن الأسباب الحقيقية، أو نتائج التحقيقات التي لم تصل لنتيجة تحدد المسؤوليات، فإن الملاحظ هو حجم التمرد المتواصل في قيادة “الأركان الجوية” والذي يعد الأول من نوعه في تاريخ الجيش الموريتاني.. لماذا وكيف حدث ذلك؟.
أسباب جوهرية..
بدء التمرد من طرف ضباط الصف التقنيين وبعض الضباط، بسبب ما وصفوه بالتعسف الذي تتحمل مسؤوليته قيادة الأركان الجوية، وكانت شرارة التذمر بداية 2013 عندما أقدم عشرة تقنيين على إرسال طلبات تسريح جماعي إلى الفريق “الغزواني” قائد الأركان العامة للجيوش مرورا بقائد الأركان الجوية العقيد ولد حريطاني، وقد خالف الأخير الترتيبات القانونية حفاظا على منصبه بمنع تلك الطلبات من الوصول لمكتب قائد الأركان العامة للجيوش، وأقدم على محاولات مستميتة لثني ضباط الصف التقنيين عن قرار الاستقالة وصلت لحد سجن بعض المتمردين وإغراء البعض الآخر بالمال.
إلا أنه فوجئ بالغياب المتعمد من طرف بعض ضباط الصف التقنيين، كالرقيب أول “ع،ق”ن والرقيب “أ،م،ع”، وذلك بعد سد الباب أمام طلبات تسريحهم، وحاول العقيد بالتعاون مع أحد الضباط بالتنسيق مع المكتب الثاني وخاصة المقدم نائب رئيس المكتب الثاني فرع “المخابرات العسكرية” بعملية اختطاف بعض التقنيين واتهامهم بأشياء تهدف لإرهابهم.
وفي النهاية تم تسريحهم من طرف قائد الاركان العامة للجيوش بعد شهرين من السجن الانفرادي.
الغريب في الأمر أن العقيد ولد حريطاني لاحق التقنيين خارج قيادة الأركان، وهم خارج المؤسسة العسكرية، حيث أعطى تعليمات بصفته عضوا في مجلس إدارة الوكالة الوطنية للطيران المدني “لاناك” وصديق لمديرها العام السابق، وكذلك المدير العام للموريتانية للطيران المدني بهدف الضغط لعدم اكتتاب أي عسكري يحمل شهادة في الطيران بحجة الحد من تسرب الكفاءات العسكرية.
إلا أن هروب النقيب ملاح تقني محمد ولد ديدي إلى فرنسا، بسبب مشاكل مع الرائد المدير التقني مثلت مفاجئة أخرى لقائد الأركان الجوية.
وقد عاد المعني بعد فترة من الزمن ليتم توقيفه في القيادة العامة لأركان الجيوش و تسريحه من الخدمة العسكرية لاحقا.
تواصلت عملية منع ـ المسرحين من الاركان الجوية ـ من توظيف خبراتهم في مؤسسات مدنية، رغم حاجة المؤسسات الوطنية لمهارات التقنيين والملاحين خاصة في ظل قرب تقاعد نسبة كبيرة من العاملين في الطيران المدني.
هذا الأمر تسبب في حالات فرار نفذها التقنيون خارج البلاد، خوفا من السجن وتلفيق التهم كما حل ببعض زملائهم.
قبل ثلاثة اشهر غادر الرقيب تقني “أ،ع” إلى خارج الوطن وقبل أسبوعين غادر رقيب آخر هو “ع،أ” إلى الخارج أيضا.
وقد تم تسريح عدد من الضباط، و ضباط الصف التقنيين، ممن يشعرون بالظلم الذي مورس عليهم من قبل قائد اركان القوات الجوية والمدير العام للموريتانية للطيران المدني، وإدارات سابقة وحالية للوكالة الوطنية للطيران المدني بدون أي مبرر قانوني ويتعلق الأمر بالملازم طيار “ع،ص” الذي تم تسريحه من الجيش قبل تسع سنوات، ملازم أول تقني”ب،ش”، نقيب ملاح “م،د”، رقيب أول تقني”ع،ق” ، رقيب تقني”أ،م”، رقيب تقني “د،د”، رقيب تقني”م،خ”، بينما فر ضابطا صف لخارج البلاد، وهم رقيب تقني”أ،ع” رقيب تقني”ع،أ”.
رغم تحسن ظروف العسكريين المادية واهتمام الدولة بتطوير المؤسسة العسكرية إلا أن أشياء خفية تجري دخل الثكنات قد تتسبب في عرقلة تلك الجهود الرامية إلى الرفع من كفاءة الجيش الوطني وتحول دون إنشاء قوة جوية ضاربة، فرغم أن الفترة السابقة لتولي العقيد ولد احريطاني قيادة أركان القوات الجوية كانت الأسوء إلا أن الفترة الحالية شهدت تذمرا واسعا داخل ضباط الصف التقيين خاصة، مما يوحي بشيء ما.
أسباب التمرد:
السؤال المطروح هو لماذا هذا التمرد في ظل الحديث عن تحسن ملحوظ في رواتب وعلاوات الجيش و تكوينه، وتجهيزاته ؟
من بين تلك الأسباب عدم تأمين الطائرات العسكرية، حيث أن أهالي ضحايا حوادث الطيران العسكري لا يحصلون على أي تعويض.
العلاوات التي منحها رئيس الجمهورية بمصادقة من البرلمان للقوات الجوية، إلا انه لم يحصل عليها سوى الطيارين والضباط التقيين بينما حرم منها ضباط الصف التقنيين، علما بأن ضباط الصف التقنين هم من يجهز الطائرات بينما لا يمكن للضباط تجهيز الطائرات واغلبهم أبناء طبقة برجوازية لم يحصلوا على المؤهل أو التدريب الكافي، مع العلم أن ضباط الصف هم العمود الفقري لأي جيش.
ومن تلك الاسباب استثناء التقنيين ضباط الصف من الفحوصات الدورية التي تجرى للعاملين في مجال الطيران العسكري في الخارج.
وللإشارة فإن قائد الأركان المساعد للقوات الجوية يتبع لقوة المشاة البرية، مع العلم أن هناك ضباط طيارين تم إبعادهم بوظائف شكلية كمستشارين عسكريين.
المصدر الحرية نت .