الرئيس جميل منصور من أوضح السياسيين الموريتانييت رؤية و طرحا و ردوده شافية وافية .. في مقابلاته يحرج عادة الصحفي أو مجموعة الصحفيين المحاورين إن أرادوا استفزازه أو إحراجه .. و يبدو أنه يفعلها للسياسيين كذلك ... لا حظ ردوده على البرلماني الخليل ولد الطيب في مقابلة تقدمي معه التي جمعت فيها الأسئلة من أطراف عدة ...
الخليل ولد الطيب (نائب برلماني من الأغلبية):
1- تتباكون على قطع العلاقات مع دولة قطر الشقيقة في حين تغضون الطرف عن قرار تاريخي اتخده الرئيس محمد ولد عبد العزيز بقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني ألا يعتبر ذالك خللاً في منظومتكم الفكرية؟
2– شجبتم في بيانكم قرار موريتانيا قطع علاقاتها مع قطر، في الوقت الذي سبق أن نظمتم مسيرة باتجاه مكتب الاخوة الليبي في انواكشوط و كذالك السفارة السورية مطالبين بقطع العلاقات مع هذه الدول الشقيقة ألا يعتبر ذالك كيلا بمكيالين؟ أم أن احتضان الدوحة لقيادة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين يبرر هذه المفارقة في المواقف؟
3- يوم كنت مقرر الحوار الثوري الديمقراطي في ليبيا و عضو لجنة مناهضة التطبيع المتمخضة عن ذلك الملتقى كنت تقدم نفسك باعتبارك عروبيا إسلامياً، لكنكم بعد سقوط النظام العروبي في العراق و ليبيا أصبحتم شعوبيين و كنتم كنتم تؤكدون حينها أن لاتناقض بين التيار القومي الناصري و التيار الاسلامي اذا استثنينا صِدام عبد الناصر و الإخوان المسلمين في مصر.. هل كانت هذه المواقف نابعة من قناعة ام انها كانت لمجرد الاستهلاك؟؟
الإجابة
– بالنسبة للسؤال الأول للنائب الخليل ولد الطيب ، لا داعي لمصطلح التباكي ففي السياسة و المواقف فيها لا مجال للعاطفية الزائدة بكاء أو تباكيا ، مدحا و لا أعرف صيغة التكلف فيها ، ليس صحيحا أننا تجاهلنا قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني فرغم أننا حينها في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية لا نعترف بالسلطة الانقلابية فقد أصدرنا في تواصل بيانا حيينا فيه القطع و مشهور هو التعبير الذي استعملناه أن قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني لا يحتاج حكومة شرعية لأن إقامة العلاقات في الأصل قرار غير شرعي و كانت هناك أحاديث إعلامية عديدة ، صحيح أن قطع هذه العلاقات لم يغير موقفنا من النظام لأن مشكلتنا الأساسية معه كانت الانقلاب على الديمقراطية ، أما موضوع قطر فأمره واضح و بسيط حيث لا نرضى لبلدنا أن تكون قراراته مربوطة بآخرين و أن نرتهن لأجندة خارجية هذا فضلا عن أن لقطر مواقف من قضايا الأمة و من فلسطين و مقاومتها تقربها و لا تبعدها.
– أما السؤال الثاني للنائب الخليل فليس صحيحا أننا نظمنا مسيرة إلى مكتب الأخوة الليبي أما إلى سفارة سوريا فصحيح أننا شاركنا في مسيرة إليها طالبت بقطع العلاقة مع النظام في دمشق و ذلك بعد أن بلغت عمليات القتل و الإبادة مبلغها من طرف نظام الأسد و قياس الحالة الآن مع قطر على الحالتين الليبية و السورية بعد ثورة الشعبين الليبي و السوري على نظاميهما قياس مع وجود الفارق في السياق و الدافع و لا علاقة للأمر بمكيال أو بمكيالين ، أما قصة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين فلم يعد أحد يعيرها اهتماما و ذلك لسببين أما الأول فهو أن التنظيمات المحسوبة على الإخوان المسلمين و فكرهم تجاوزت هذا النوع من الأطر و اعتبرته ماضيا تم تجاوزه و أنها كيانات تنتمي لأوطانها و يحكمها مقتضى ذلك بعيدا عن أي ارتباطات تنظيمية من هذا النوع و أما الثاني فهو أن قطر لم تكن يوما مكانا لما كان يعرف بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين بل كان أساس وجوده في أوروبا و بريطانيا على وجه الخصوص، و نحن عموما نريد لبلدنا علاقات متوازنة مع جميع الأشقاء و الأصدقاء و لا نرضى له أن يقحم نفسه في سياسات المحاور فلا ذلك يخدمه و لا هو يستطيعه.
– أما السؤال الثالث للنائب الخليل فقد تضمن أمورا تحتاج تصحيحا فما كنت فيما أتذكر مقررا للحوار الثوري العربي الديمقراطي في ليبيا ، كنت أحضر جلساته ضمن مدعوين آخرين يمثلون أطيافا قومية و إسلامية و يسارية و في النقاشات أحيانا كنت أعبر عن آراء في الديمقراطية لم تكن تعجب بعض الزملاء و ما قدمت نفسي باعتباري عروبيا إسلاميا فذلك لم يكن من اهتماماتي و لا من طبيعتي و بالمناسبة كثير مما كنت أقوله مسجل في تلك المرحلة و تمكن العودة إليه ، صحيح أحب اللغة العربية و أعلى من مقامها و لكن هذا شيء و العروبية شيء آخر ، صحيح أرى – و مازلت بالمناسبة – ضرورة الحوار مع كل التيارات و المكونات بما فيها التيار القومي العربي و لا يأسرني صراع الإخوان مع جمال عبد الناصر مع أنهم الضحية و هو المخطئ ، أما مصطلح الشعوبية فمصطلح إيديولوجي متخلف لا يليق استعماله و يستحضر مقابلة سلبية بين العرب و الشعوب الداخلة في الإسلام من بعد ، و الحقيقة أن التناقض بين الأقوام لأنهم أقوام ينتمي لثقافة الصراع العرقي و قد نجاني الله منها و الإسلام جمع ما فرقته الجاهلية و الحوار مطلوب بين تيارات الأمة بما فيها التيار الإسلامي و التيار القومي و لكن على قواعد جديدة أهمها المرجعية الإسلامية للأمة و الاختيار الديمقراطي الذي لا يسمح بتسويغ الاستبداد و الدفاع عنه .