عاد الشيخ ولد محم إلى ذويه في بلدة إشكِاره الواقعة على بعد 122 كل من روصو على طريق روصو ـ بوغي بعد غياب قارب الشهر أمضى منها 22 يوما و هو مختطف على يد جماعة إرهابية في مكان يجهله تماما و يجهله مرافقوه الأربعة الذين كانوا معه على متن سيارة يحملون فيها بضاعتهم... قصة مثيرة نترككم مع سرد أحداثها في ما يلي:
يقول الشيخ ولد محم:
" كنتُ تاجرا في دولة غامبيا .. و عند عودتي إلى البلاد إرتأيتُ، رفقة بعض الشركاء، أن أذهب في رحلة تجارية إلى مناطق مُحاذية لبلدة "تناها" في ولاية العصابة... أخذت معي قيمة مليون أوقية من الهواتف النقالة و مستلزماتها وبعض القماش الراقي ... تجاوزنا تناها.. و كانت البضاعة التي هي بحوزتنا رائجة لدى سكان القرى الموريتانية الواقعة على الحدود الموريتانية ـ المالية.. كنا خمسة على متن السيارة التي يقودها سائق من ولاية آدرار.. في إحدى الليالي لاحظنا وجود سيارة رباعية الدفع تلاحقنا... و فجأة استوقفنا طاقمها المسلح المكون ن ثمانية رجال مقنعين.. أوعزوا إلى السائق ببعض الأوامر.. لم يكن مطيعا لهم.. بل إنه تصلب عند موقفه.. المتمنع من تسليم مفاتيح السيارة... عند ذلك هجم عليه اثنان من العصابة و أوثقوه و رموه بكل وحشية في مؤخرة سيارتهم.. و بدأت رحلة الاختطاف.. بعد ليلة قاسية من السفر الشاق توقفنا في مكان موحش.. كنا نرى تارة جثث القتلى التي تركت منذ أيام و هي لم توارَ الثرى.. بدأوا بالسائق الذي أنزلوه من السيارة و هو مشدود الوثاق.. خاطبوه بكلمات استفزازية و صفعه أحدهم على الوجه .. و أمر آخر بإطلاق النار عليه.. أصابته الرصاصة في الجبين فسقط ميتا في الحال.. أخذ أحدهم يفتش جيبه و أخذ ما عنده من المال.. كانوا يتكلمون بلغة لا نفهمها إلا ما كان من كلمات من لغة البمبارا كنت لُقنتها أثناء عملي في غامبيا...
توافدت عصابات متعددة إلى عين المكان... و سُلم كل واحد منا المتبقين إلى إحدى العصابات.. أخذتني العصابة الجديدة إلى مكان آخر.. كانوا كلما رأوا غنما أو بقرا ذبحوا منه .. و حملوا معهم ذبائحهم.. كانوا قرِمين إلى لحوم هذه المواشي التي يغتصبونها تارة و تارة يسرقونها.. أنزلونا في مكان آخر .. فصرنا خُداما لهم.. نجمع الحطب.. نشوي اللحوم .. نغسل الثياب.. باختصار: كنا عبيدا لهم.. و لمدة 22 يوما...
في إحدى الليالي و نحن ننام في العراء.. سمعنا تبادلا لإطلاق النار.. فأخذت العصابة أسلحتها الرشاشة و هواتفها من نوع { ثريا}.. و اتجهت إلى حيث لعلعة الرصاص.. بعد دقائق .. نبهت أحد المحتجزين معي.. و هو شاب من مقاطعة مكِطع لحجار في ولاية لبراكنه.. و قلتُ له إن الجماعة قد تركت المكان و أنه بإمكاننا الآن أن نهرب منهم.. استجاب لذلك على الفور.. و عند ذلك استيقظ رجل من الفلان كان محتجزا هو الآخر.. و قرر أن يهرب معنا.. أخذ معه وعاء يحوي 5 ليترات من الماء... خرجنا في ظلام شديد إلى الغابة المجاورة.. و عند وصولنا إليها.. لاحظنا أضواء سيارة تبحث عنا... فاختفينا تحت شجرة كبيرة... قامت السيارة بدوريات في الغابة.. ثم عادت أدراجها... واصلنا السير تلك الليلة .. و في الصباح كنا قد وصلنا غابة أخرى.. فبقينا خلال النهار مختبئين تحت شجرة.. و عند هبوط الليلة الثانية انطلقنا من جديد... و كنا نُغذ السير.. اجتهدنا أن نسير باتجاه الجنوب الغربي.. حتى ندخل الأراضي السنغالية أو الموريتانية... في اليوم الثاني بدأ زادنا من الماء ينفد.. و فجأة رأينا من بعيد رجلا يسوق بعض الأبقار.. اتفق رأينا، أخيرا، أن نناديه.. فرجع إلينا .. و أخبرناه خبرنا.. لم يتفاجأ للخبر.. بل قال إنه ن الأمور العادية هنا... أخضر لنا بعض الماء.. عند ذلك أصيب الشاب المنحدر من مقاطعة مكِطع لحجار بالبكَم... لم يعد ينطق بكلمة.. توجه بنا صاحب البقر إلى رجل من أبناء دُليم يسكن في تلك المنطقة... فآوانا و أطعمنا.. و في الصباح أحضر سيارته و سائقه.. و أمر السائق أن يذهب بنا .. لينزل الشاب الأخرس فس مكِطع لحجار و يتوجه بي و الفلاني إلى مدينة بوغي .. و سلم كل واحد منا مبلغ 10 آلاف أوقية ليستعين بها على السفر...".
نقلا عن صفحة الأستاذ / سيدي محمد متالي .