عند الحديث عن الأوبئة، غالباً ما يتطرق الكلام إلى الطاعون، أو الكوليرا أو الملاريا، أو غيرها من الأمراض التي فتكت ولا تزال تفتك بالكثيرين حول دول العالم. لكن أوبئة من نوع آخر عرفها التاريخ، وهي أوبئة غريبة جداً، حصلت بالفعل وأدّت إلى وفيات جماعية.
نتحدّث هنا بشكل خاص، عن ذلك الوباء الذي عرفته منطقة الألزاس الفرنسية عام 1518، وسمّي "وباء الرقص". إذ قام المئات من سكان المنطقة بالرقص المتواصل، من دون أي سبب محدّد. في البداية بدأت سيدة بالرقص في ساحة مدينة ستراسبورغ، ثمّ انضمّ إليها آخرون، وبدأوا بالرقص. منهم من توقف بعد أيام، وعشرات منهم أكملوا الرقص لشهر دون توقف، ما أدى إلى وفاتهم نتيجة نوبات قلبية.
هذه الحادثة موثقة في السجلات المحلية والبلدية لمدينة ستراسبورغ، إلى جانب سجلات الكنيسة، التي اعتبرت في البداية أن هذا الوباء قصاص إلهي بسبب "خطايا الشعب المسيئة إلى الله".
لكن قبل ستراسبورغ عرفت مناطق أخرى من الإمبراطورية الرومانية هذا الوباء. وكانت السلطات تشجّع الموسيقيين على الاستمرار بالعزف دون توقّف أملاً أن يتعب الراقصون ويتوقفوا عن جنونهم. لكن ذلك لم يحصل، وتزايد عدد الموتى نتيجة الإرهاق في أكثر من مدينة أوروبية. واستمرّ هذا الاضطراب النفسي منذ القرن الرابع عشر، حتى القرن السادس عشر.
(العربي الجديد)