صحيح أن الدكتور سيدي ولد سالم يحمل شهادة الدكتوراه في علوم المعدات جامعة ليون – فرنسا.
وصحيح انه أستاذ الفيزياء بكلية العلوم والتقنيات في جامعة نواكشوط منذ 1996 ، ليس ذلك فقط بل إنه منسق وحدة الفيزياء الأساسية بالتعليم الثانوي وعضو في اللجنة التربوية المكلفة بوضع برامج التعليم.
وصحيح أنه استلم في حياته المهنية وزير المالية في الحكومة الانتقالية يونيو – أغشت 2009 ولم يعمر طويلا وقام من قام بتعيينه على وزارة حيوية كوزارة التعليم العالي بعزله آنذاك ، كما كان مديرا لشركة سوكوجيم من 21 سبتمبر 2005 حتى 05 فبراير 2009 ، ومكلفا بمهمة برئاسة الجمهورية بعد تبرأه من المعارضة وتوبته النصوح وارتمائه في احضان الأغلبية.
ليتم تعيينه بعد ذلك وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي ، وتبدأ إنجازاته في مجال التعليم بقطع المنح لتعويض ما فات في أيام التعاسة "المعارضة".
وزير التعليم رجل متعلم وأكاديمي محترم لكن السياسة في موريتانيا تفسد الأكاديمي وتتحول إلي فيروس يدمر ذاكرته ويعبث بمحتوياتها ، بالله عليكم أين راحت عبقرية ولد باهيه ونظريات ولد محمد الواقف والزين ولد زيدان وتحاليل ولد إزيد بيه وإطلالات منت اصوينع وغيرهم من أكاديمي موريتانيا الذين لم تتم الاستفادة منهم لدخولهم في أتون السياسة.
لن أتحدث عن مشاكل الطلاب القارة ، فسيتعودون عليها لأن الطالب الموريتاني طالب صحرواي محارب .. وهو تعود على تعاسة العيش وسوء التسيير وكلها جعجعة بدون طحين.
لكن سأتحدث عن جيش الدكاترة الذين لم يقدموا أي شيء للوطن غير نهبه.
والدليل على أننا لازلنا في العالم الثالث وعلى أعتاب العالم الرابع هو أننا لا زلنا نولي الشهادات أهمية ، ولم نونفق بعد 56 سنة من الاستقلال في أن نضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
لم نوفق في أن نفرغ الأكاديميين وجيش الدكاترة في أن نجعل بينهم وبين السياسة حاجزا ، ونجعل من الجامعات محرابا لهم لتنوير العقول وتشبيع الأجيال بالعلوم والمعارف.
صدقوني لقد أصبحت جامعة انواكشوط منصة وبؤرة من بؤر الفساد حيث يدخلها الأكاديمي وهو يفكر في قفزة باتجاه الوزراة أول القصر كمستشار أو بواب وفي أحسن الأحوال كمرافق مدني.
أليس مدهشا أن وزارة التعليم العالي تمتلك جيشا من الدكاترة الذين تقوم الدولة باستعارتهم لقطاعات حكومية للعمل لديها كمستشارين متفرغين ، همهم الأول شرب "الشاي" وقراءة الصحف والبحث عن صفقات هنا وهناك.
لما ذا لا نتسائل ما هي الوظائف التي يؤديها عشرات أو المئات من الدكاترة المستشارين المتفرغين في الرئاسة ورئاسة الحكومة وزارة التعليم العالي؟
الواقع يؤكد أن جل عمل غالبية هؤلاء المستشارين هو عمل روتيني بسيط، يمكن لموظفين جامعيين القيام به، عمل يتلخص في المواضيع التي كانت تتولاها «سكرتاريا» في الأيام الخوالي.
وهنا نتساءل: لماذا إذاً «استعارت» وزارة التعليم العالي هذا الجيش من الدكاترة المستشارين المتفرغين للقيام بأعمال روتينية بسيطة، وفي الوقت نفسه استقدمت فيه الجامعة دكاترة أجانب وآخرين مبتدئين بعقود ليشغلوا المقاعد التي تركها هؤلاء المستشارون؟
خلاصة القول -بعد الاعتذار للقارئ الكريم عن طول المقال- أن الحديث عن هموم وتحديات التعليم العالي في موريتانيا يطول ويطول، وإن لم تكن هناك وقفة متخصصة فاحصة متأنية على مستوى رفيع جداً لتقويم الوضع الحالي في مؤسسات التعليم العالي وتحديد مسار واضح لأهدافها ومخرجاتها، فإننا لا محالة قريبون جداً من نقطة «اللاعودة». وتزداد خطورة هذه القضية على واقع موريتانيا ومستقبلها، وهو مستقبل سيكون مظلما إذا ارغمنا على دخوله دون تسلح بنور العلم.
نقلاعن صفحة المدون / عبدالله ولد محمدو .