لا أحد ينكر مالبرنامج أمل الحكومي من أهمية بالغة في التخفيف من البطالة وحالات الفقر والجوع والشدة كما أنه ليس من الانصاف أن نتجاهل مايلعبه البرنامج الاستعجالي من انخفاض للاسعار وتعزيز للسلم الإجتماعي وهذا ما عبر عنه الكثير من المواطنين الموريتانيين واعلنت عنه كذلك بعض الهيئات الدولية المختصة كالبنك الدولي والنقد الدولي .
إلا أن الحقيقة المرة هنا تتجسد أساسا في عجز البرنامج عن السيطرة التامة على انخفاض الأسعار وتثبيتها على الحد المعقول بل إنه ظل غير قادر على تنظيم المواد التي يبعيها في دكاكينه من أرز وسكر وزيت ومعجونات .... لذا يمكننا أن نقول بأنه لم يفلح في المهمة الأولى له المرتبطة بالاسعار .
أما ما يتعلق بدوره في مجال التشغيل نلاحظ أنه استطاع أن يوفر ما يقارب 3000 فرصة عمل أغلبها لصالح فئة الشباب مما يجعله برنامجا اجتماعيا مهما ، بيد أننا إذا ما علمنا بأن هؤلاء العمال لايتمتعون بحقوقهم المنصوص عليها في مدونة الشغل المويتانية والتي تلزم المشغل أن يمنح العامل عقد عمل يكفل كافة الحقوق من تأمين صحي وضمان اجتماعي وكشوف أجور وعلوات .....الخ نستطيع بأن نقول ببساطة إن برنامج أمل لم يكن فرصة من منظور قانون الشغل ولا حسب الاتفاقية الجماعية الموريتانية ناهيك عن القوانين الدولية ذات الاختصاص .
ولم تكن تحديات هؤلاء العمال مجرد حرمانهم من تلك الحقوق بل تعدتها لتشمل التحديات الأخرى المتعلقة بضعف الراتب وتأخر سحبه ومشكل نقص وزن المواد الغذائية وتحميل المسيرين مسؤولية ذلك النقص عند كل تفتيش .....الخ
ومن هذا المنطلق نستطيع القول بأن برنامج أمل ظل يتقدم برجل واحدة بينما يتأخر باثنتين والسبب راجع إلى عدة نقاط بارزة أوصلته إلى ما وصل إليه من تأزم أنذر بزواله منها على سبيل المثال لا الحصر :
١- أن الموارد التي رصدت له وصلت لعشرات المليارات مما أضحى حملا ثقيلا على ميزانية الدولة دون أن يحقق أهدافه المنوطة به ولو بنسبة خمسين بالمائة
٢- أن برنامج أمل فشل في توفير فرص عمل دائمة حسب قانون العمل المحلي والاتفاقية الجماعية الدولية .
٣- أنه لم يستطع تثبيت أسعار السوق وظلت مضارباتها في اضطراب نسبي ولم تسلم منه حتى المواد التي يشرف البرنامج على تقديمها للمواطنين . ٤- أن البرنامج أخل بشكل واضح بمبدأ العدالة الاجتماعية خصوصا عندما ننظر إلى حجم معاناة فئة المسيرين النخبة الضامنة والمنتقية ملفاتهم عبر وكالة تأطير وتشغيل الشباب والتي ظلت الفئة الأكثر عرضة للمعاناة والتهميش .
٥- أن برنامج أمل أصبح بعض المتابعين ينظر إليه على أنه ورقة سياسية رابحة بيد النظام وفريسة مستهدفة من قبل المعارضة مما جعله خارج الدائرة الاستراتيجية بفعل كل هذه المؤثرات والتجاذبات. .
خلاصة القول نود أن نصرح : بأن برنامج أمل فرصة ثمينة لم يحسن استغلالها رغم مالها من أهمية بالغة ومنافع مفيدة وما نريده من الإدارة الموريتانية الآن - أن تتلافاه -يكمن بالأساس في ترسيم هؤلاء الشباب خاصة أن برنامجهم يشتغل فيه العشرات من مختلف حملة الشهادات العليا والذين أثبتوا بأنهم وطنيون وأصحاب كفاءات رغم اكراهات الواقع المر والوضع السيئ الذي لا يشجع على المثابرة والاستقامة والاخلاص .