إعلانات

نموذج حي من سوء أخلاق الأطباء الموريتانيين (قصة محزنة )

اثنين, 05/12/2016 - 09:32

ما أسطره الآن ليس من نسج الخيال بل حقائق وقعت بالنقطة والفاصلة. 
حوالي الساعة الخامسة فجر الثامن والعشرين من نوفمبر إستيقظت "م" على أختها الصغرى وإبنة أختي "حنان" وهي تبكي. وهي تسألها عن ما يبكيها أستيقظ باقي أفراد الأسرة. أخبرتهم "حنان" أنها ربما تعاني ارتفاعا في الضغط. نقلوها على وجه السرعة إلى الحالات المستعجلة بمستشفى الصداقة القريب منهم. هنالك شخص لهم الطبيب المناوب حالتها على أنها تشنج هستيري ووصف لهم دواء "آتاراكس" على أن يعاينها طبيب أعصاب في اليوم الموالي وأمرهم بالإنصراف. 
عند وصولهم المنزل إنتابتها حالة تشنج قوية غيبتها عن الوعي رجعوا على إثرها مباشرة إلى المستشفى حيث حقنها الطبيب المداوم بحقنة "فاليوم" وحقنة بطيئة من "الگليكوز G2%". حوالي الثامنة انتهت مناوبة طبيب الحالات المستعجلة وحل محله آخر وصف للمريضة مجموعة من سبعة فحوص مخبرية للدم. في المخبر لم يكن هنالك سوى عاملة مخبر واحدة أبدت تعاطفها مع الحالة و لم تألو جهدا في الإسراع إذ إستغرقت الساعة من الزمن في إخراج النتائج. كانت حالة المريضة شبه مستقرة تنتابها بين الفينة والأخرى بعض التشنجات. 
بعد قراءة الفحوص المخبرية، طلب الطبيب آجراء فحص باسكانير دفعنا المبلغ المطلوب لكن موظفة الصندوق طلبت منا عدم التوجه إلى قسم الأشعة حتى يصل المهندس المسؤول. بعد حوالي الساعة وصل السيد المهندس فتحركنا معه نحو قسم الأشعة لنجد غرفة "أسكانير" مغلقة! .. والمفتاح دسه مهندس المناوبة الليلية في جيبه و أخلى المكان قبل وصول خلفه! إتصل عليه مهندس التصوير هاتفيا وطلب منه إحضار المفتاح وشرح له الطابع الإستعجالي خصوصا أن معايدي المصلحة أصبحوا ثلاثة كلهم في حالة خطيرة. بعد حوالي عشرين دقيقة قرر المهندس الذهاب بنفسه لإستجلاب المفتاح.
خلال غياب مهندس التصوير إرتأى بعض أفراد الأسرة نقل المريضة إلى عيادة خاصة لكن طبيب المناوبة وطاقمه أكدوا لنا أن العيادات الخاصة لا تدعم الأمراض العصبية.
إستغرق غياب المهندس أقل من ساعة بقليل أجرى بعده مباشرة التصوير الطبقي المطلوب وسلمنا صورا وقرصا مدمجا رجعنا بهما لغرفة الحجز بالحالات المستعجلة. هنا أخبرنا الطبيب المداوم بضرورة قراءة الصور من طرف الأخصائي في التصوير الطبقي وأن تقرير هذا الأخير هو التشخيص آلحقيقي للحالة المرضية التي تعاني منها المريضة. أخبرنا كذلك أنه أتصل عن طريق الهاتف بالأخصائي الذي قال له إنه في الطريق إلى المستشفى. 
مرت نصف ساعة ولم يصل الأخصائي ثمّ ساعة. كانت وتيرة حالات التشنج تزداد وكلما أتصل الطبيب المداوم بالأخصائي يجيبه أنه أصبح قريباً من المستشفى أو أنه عند المنعطف أو عند أحد المداخل.. مر وقت طويل آخر ولم يصل.. كانت حالة المريضة تزداد تفاقما.. ذهبنا لإداري المداومة وقد كنا أعلمناه بالحالة وقلنا له أن يكون عند مسؤوليته ويلح على الأخصائي في ضرورة الإسراع. بعد ذلك بوقت طويل وصل الأخصائي. ولن أكذب عليكم فلقد أسمعته حقيقته ولولا أشخاص كانوا معنا لرقد بجانبها ولأنتظرنا أخصائيا آخر لتشخيص حالته. 
بعد نظره في نتائج الفحص طلب إجراء فحص ثاني بال IRM استغرق القيام به هو الآخر زهاء الساعة شخص بعده حالة المريضة على أنها التهاب الوريد الخثاري Thrombophlébite أدى إلى نزيف في الدماغ تسبب في ضغط على الجانبين الأيسر والأمامي من الدماغ.
كانت الساعة حوالي الخامسة مساءا وكانت نوبات التشنج التي تنتاب المريضة متقاربة أكثر من ذي قبل. أخبرنا طبيب المداومة أن أجهزة الإنعاش لديهم غير جاهزة لذلك سيهيئ سيارة الإسعاف لنقل المريضة إلى مركز الإستطباب الوطني. خلال ما يقارب الساعة وبعد الأخذ والرد توقفت سيارة الإسعاف أمام مدخل الحالات المستعجلة يسوقها قريب لنا لأن سائقها لم يكن موجودا! بعد نقلنا للمريضة ووضعها داخل السيارة أكتشفنا أنها لا تحوي أكسجين! فهرع أحد عمال المستشفى البسطاء ليأتينا بقنينة أكسجين من إحدى غرف العمليات! حوالي السادسة أدخلت غرفة العناية المركزة بمركز الإستطباب الوطني... تلك الليلة أخبرني أخصائي الأعصاب أنه لو شخصت الإصابة بسرعة وحقنت المريضة بأدوية توقف النزيف لأمكن آنقاذها. 
فجر اليوم الموالي، انتقلت إلى جوار ربها. 
اللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه. اللَّهُمَّ إنَّها في ذِمَّتِكَ وحَلَّت بجوارك، فَقِها فِتْنَةَ القَبْر ، وَعَذَابَ النَّارِ ، وَأَنْتَ أَهْلُ الوَفاءِ والحَمْدِ ، اللَّهُمَّ فاغفِرْ لها وَارْحَمْها، إنكَ أَنْتَ الغَفُور الرَّحيمُ.

ما أود لفت الإنتباه إليه هنا هو :
1- مستشفى كبير بحجم "الصداقة" لا يوجد أو لا يتواجد في "حالاته المستعجلة" سوى طبيب واحد،
2- في مصلحة كالتصوير الطبقي "Scanner" يدس المهندس المداوم ليلا مفتاح غرفة الجهاز في جيبه كأنه مفتاح غرفة نومه ويذهب به إلى منزله،
3- أخصائي تصوير طبقي يتقاضى راتبا من أموال الشعب لا يتواجد في مقر عمله وعند الإتصال به وإخباره بخطورة الحالة يماطل ويكذب مع أن الوقت الذي أستغرق في الوصول يمكننا من الذهاب إلى مدينة سينلوي السنغالية،
4- إداري من المفروض أن يكون هو من يعطي الأوامر ويسير المستشفى لكن يبدو أنه مجرد "بو"،
5- سيارة كانت للإسعاف متهالكة لا تتوفر حتى على قارورة أكسجين والأدهى من ذلك غياب سائقها.

نقلا عن صفحة المدون / Meyey Ebnoujaavar .