وصلت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة إلى مستوى فترة الحرب الباردة، لكن بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا جديدا لأمريكا ظهرت آمال في كلا الجانبين بإمكانية تحسن العلاقات حاليا.
ومع هذا، فإن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا وتعزيز قواتها في روسيا يمثل تحديا كبيرا أمام هذه المساعي.
وعلى أرض الواقع شهدت العلاقات تحولا نحو الأسوأ، قبل يوم واحد من التصويت في الانتخابات الأمريكية، الأمر الذي يشير إلى أن تحسن علاقات البلدين سيكون صعبا للغاية.
هذا بالإضافة إلى أن الأنباء الواردة من سوريا حول استئناف موسكو حملتها الجوية ضد المعارضة المسلحة يزيد الموقف تعقيدا، خاصة بالنسبة للعسكرييين الأمريكيين الذين يعتبرون روسيا عقبة أمام حربهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
يأتي هذا فيما رفعت موسكو من وتيرة حربها الدعائية المعادية لواشنطن، وهو ما فسره العسكريون الأمريكيون كمحاولة لتقويض الحرب الأمريكية ضد تنظيم الدولة في سوريا والعراق.
واستخدمت وزارة الدفاع الروسية وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لأنباء تسبب الغارات الجوية الأمريكية في قتل مدنيين.
وبالتسليم بحقيقة هذا الأمر، فإن تلك المزاعم ظهرت مفصلة ومحددة بدقة.
ونشرت وزارة الدفاع الروسية تغريدتين على تويتر بتوقيت الغارات وكذلك الدمار الذي سببته في تلكيف وحمام العليل بالقرب من الموصل، وأرفقت صورا توضيحية من الأقمار الصناعية للمناطق التي استهدفتها.
وطلبت بي بي سي ردا من الجيش الأمريكي حول تلك المزاعم.
وقالت القيادة المركزية الأمريكية في بيان لها إن "التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لم يشارك في الغاراتين المذكورتين."
وتحدثت وزارة الدفاع الروسية عن المزيد من الادعاءات المشابهة.
وأكد جون دوريان، المتحدث باسم قيادة التحالف الأمريكي في العراق لبي بي سي أن المزاعم الروسية جزء من "استخدام الأكاذيب كوسيلة لإطفاء الحرائق" بهدف تشتيت الانتباه عن "حملة القصف التي تنفذها روسيا دون تمييز" في سوريا.
واهتم بتوضيح أن الولايات المتحدة وحلفاءها يعتمدون فقط على الأسلحة الموجهة بدقة (الذكية)، باستخدام الليزر وأجهزة تحديد المواقع GPS.
وقال "في المقابل تستخدم روسيا "قنابل غبية" غير دقيقة على نطاق واسع.
وكانت الولايات المتحدة البلد الوحيد في التحالف المشارك في قصف تنظيم الدولة، الذي تقبل فكرة تسببه في سقوط ضحايا من المدنيين .
واعترفت وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاغون، بأن غارات جوية أمريكية "ربما" تسببت في مقتل 119 مدنيا منذ حملة القصف التي بدأتها عام 2014.
"شريك موثوق به"؟
لكن منظمة أير وارز Airwars، غير الحكومية في لندن، تشير إلى أن عدد الضحايا أكبر من هذا بكثير.
واستنادا إلى تقارير ميدانية فإن تقديراتها تشير إلى مقتل أكثر من 1841 مدنيا في غارات للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وأشارت أيضا إلى أن القصف الروسي في سوريا ربما تسبب في وفاة 7004 و8960 مدنيا سوريا.
لكن موسكو لم تقبل بالاعتراف حتى الآن بمسؤوليتها عن سقوط ضحايا مدنيين.
ويقول إليوت هيغنز، المسؤول عن موقع التحقيقات مفتوحة المصدر بيلنغكات Bellingcat، "إن روسيا لديها سجل حافل في الكذب عند استخدام صور الأقمار الصناعية والتصوير الجوي".
واتهم روسيا في تحليله الأخير، باستخدام تفسيرات مضللة وتعريفات غير حقيقية وتواريخ غير دقيقية والتلاعب في صور الأقمار الصناعية لقلب الحقائق عند االادعاء بقصف منشآت مدنية مثل المستشفيات والمدارس.
ويبدو أن روسيا تعاني إحباطا بسبب اتهامات الغرب لها بارتكاب جرائم حرب، وهو سبب لجؤها إلى التضليل.
وكرد فعل انتقامي روجت وزارة الدفاع الروسية نفس الاتهامات ضد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
ومما لاشك فيه أن الحرب الدعائية تثير أسئلة هامة تتعلق بإمكانية بناء إدارة ترامب جسورا مع روسيا.
ويرى لوك كوفي، من مؤسسة هيرتاج فاونداشن في واشنطن أنه طالما ظل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السلطة فإن الولايات المتحدة لن تجد "شريكا تثق به".
وقال "يجب على الرئيس المنتخب دونالد ترامب التعلم من أخطاء الإدارات السابقة بدلا من تكرارها مرة اخرى".