كان الإمام بداه يحب التقري والمدنية، ويرى أنهما ضروريان لنشر العلم، وقال إنه ظل سنوات يرفع يديه يسأل الله أن ’’ ييسر الله له منزلا في الحضر يقرأ فيه كتبه"، وذات مرور ببلدة لكصر سنة 1958 رأي غرفة من الطين بجانب المصلى قرب سوق البلدة، قال هذه غرفتي وهنا سأقيم،فألقى عصا التسيار واطمأنت به النوى، وأرسل إلى أهل بوحبيني فأرسلوا له مكتبته تحملها الثيران، فأقام بالبلدة وتلقاه أهلها بالقبول فأنشأ المحظرة وأقبل عليه الطلاب من حدب وصوب، أخذ على الرئيس الأسبق المختار ولد داداه العهد على أنه يتركه يصدع بما يرى أنه الحق، ورغم ذلك فقد ظلت خطب الشيخ تغيظ بعض أطراف الحكم، وكان يقول "إما أن تتركوني أقول ما أرانيّ الله أو أترك لكم المنبر’’. وحينما اشتعلت حرب الصحراء سنة 1976 اعتبرها الشيخ فتنة بين المسلمين، وعلى عكس بعض الفقهاء الذين قالوا إن قتلى الجيش الموريتاني شهداء لايغسلون ولا يكفنون كان الشيخ بداه يقول ’’ إن الحزم عكس ذلك غسلوهم وكفنوهم وصلوا عليهم" وكما رفض الشيخ البصيري الإفتاء بأن قتلى حرب الصحراء شهداء، رفض أيضا الإفتاء بأن منفذي المحاولة الانقلابية 16 مارس 1981 محاربون، رافضا إصدار فتوى عامة في شأن المحاربين، وقال لولد هيداله "لن أفتي بما تريدون، أنتم العسكر مثل كلاب الفلاة كلما اجتمع ثلاثة أكلوا واحدا منهم، ولن أفتي فتوى عامة حتى يأتي كل متغلب فيقتل صاحبه ويقول إنه محارب وأبوء أنا بذنب الفتوى أبد الآبدين"، وفي 1982 وقف بحزم وصرامة ضد دستورولد ابنيجاره لمخالفته للشريعة الإسلامية، ما أدى إلى سقوط ذلك الدستور، وبالمقابل رحب الإمام بتطبيق ولد هيدالة للشريعة الإسلامية وساند القرار، في خطبة الجمعة استنكرالإمام بشدة مجزرة النظام السوري في حماة سنة 1982 الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة السورية فاحتج سفيرها في نواكشوط، وحين غزا السوفيات إفغانستان دعا الإمام بداه لنصرة المجاهدين وكان يدعو لهم من على المنبر في صلاة الجمعة ويقول : اللهم انصر إخواننا الإفغانستانيين" لازلت اذكر تلك النسبة "الإفغانستانيين"، و وقف الشيخ بشكل صارم ضد احداث 1989،وأكد موقف الإسلام من الاقتتال بين المسلمين، داعيا إلى التوحد ونبذ الخلاف، وخطب خطبة شهيرة روى فيها حادثة الناجي من حرب قديمة بين المسلمين في المنتبذ القصي حيث قال الناجي إن سحابه أظلتهم وهتف بهم هاتف انبحوا يا كلاب النار وباتو ينبحون حتى أصبح الصباح، وعندما شن نظام ولد الطائع حملته سنة 1994 م على الإسلاميين وقف الشيخ بداه وقفة صارمة ضد الاعتقالات مؤكدا أن الإسلاميين لايقتلون النفس التي حرم الله ولايزنون، وأنهم برآء من كل ما يرمون به وأعرفهم كما أعرف أبنائي، وكانت العلاقات مع إسرائيل القشة التي قصمت ظهر البعير في علاقته بولد الطائع، وقف أمامه في خطبة العيد الأضحى غبّ القرار وقال: "وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ" ونحن مما تبرأ منه الله ورسوله برآء.
تميز منهج الإمام بداه بالاعتدال والتمسك بالأصول مع الحرص على الاستفادة من الفقه وتراث الأمة، فزاوج بين المحافظة على الفروع وتشجيع الاستنباط والاجتهاد، واختط طريقا يرفض الجمود الفروعي تماما كما يرفض إلغاء الفقه وتراث العلماء، مؤسسا بذلك ما اعتبر معالم فقه تجديدي داخل المدرسة المالكية، ويتجلى ذلك في كتابه "أسنى المسالك في أن من عمل بالراجح ما خرج عن مذهب الإمام مالك"، أنكر عليه أحدهم قبضه فى الصلاة قائلا مالك ترقص ، فقال له بداه: هل تعرف معنى قول المقري فى العقيدة من " إضاءة الدجنة ":
واستجلِ معنَى من لنفسه عرف:: تلحق بمن من نهر عرفان غرف
..؟؟ قال : لا، قال هل تعرف معنى قول ابن مالك :
وأظهرِ انْ يكن ضمير خَبَرا :: لغير ما يطابق المفسَّرا
نحو: أظنُّ ويظنّاني أخَا :: زيداً وعمراً أخوين في الرَخا
يقصد التنازع ؟؟ قال الرجل : لا
ثم أردف هل تعرف معنى قول خليل بن اسحاق : " حاضرأدرك ثانية مسافر " ؟؟ ، قال : لا، قال له إذن سأعرض عنك لأن الله يقول : " وأعرض عن الجاهلين".
عرف عن الشيخ بداه صدعه بالحق ودفاعه عن المظلوم وكان لايأتيه ذو حاجة إلا سعى في حاجته وكان يكرر "اشفعوا فلتؤجروا"، وذات مرة جاءه أحدهم في حاجة قائلا غدا ستقابل الرئيس معاوية في صلاة العيد ولي حاجة هي كذا، قال بداه فعلا غدا سألتقيه ولكن سيأتي هو ممثلا للدنيا وسآتي أنا ممثلا للدين ولن تكون يد الدين بحول الله هي السفلى فدع حاجتك لغير هذا اليوم.
وعما تَبقَّى من حميدِ خصاله :: أرى الصمت أولى بي من ان أتكلما
نقلا عن صفحة العملاق : إكس ولد إكس إكرك .