معظم رموز النظام السابق مسؤولون بشكل مباشر عن ضياع ربع قرن من عمر الشعب الموريتاني، وغير مؤهلين للحديث باسم الشعب أو التنظير عن الديمقراطية والحديث عن الحوار . إن الحوار آخر لغة كان يتحدث بها هؤلاء حين كانت عصي شرطتهم تقصم ظهور الأحرار وسجونهم تعج بالصحفيين والكتاب والمعارضين ورافضي التطبيع ونهب خيرات البلاد . تصادفت قبل يومين مع مقال لأحد هؤلاء، وهو السفير السابق هيبتن ولد سيدي هيبة، ولا أجد من اللائق نقاش ما كتب لأن نقاشه يحولون جميعا لفاقدي ذاكرة عاجزين عن تخيل أين كان هو وماذا كان وكيف كان، إذا كان المفسدون في نظام ولد الطايع يشتغلون على التخلص من ذاكرتهم المتخمة بظلمنا ونهب ثرواتنا وبعذاباتنا ربع قرن من الزمن، فنحن لانستطيع لأننا الضحية ولأننا من نهبت ثروته ومن ضاعت عليه عشرات المواعيد مع التاريخ . يستطيع الجلاد ان يستغفر ويتوب، ويمكن له أن يسأل الضحايا الغفران، لكن لايمكن للضحايا نسيان السوط ونسيان أنينهم في جوف الليل حين كانت ضمائر هؤلاء تستريح مع أرصدتهم في البنوك الأوربية . لايمكن لنا ابدا أن نجلس تلاميذ وديعين نتلقى دروس الديمقراطية ونستمع للنقد السياسي من طرف رجال سامونا سوء المذلة والعذاب وبددوا ثرواتنا ونهبوا خيراتنا وأرغمونا أن نخفض العيون كلما ذكرت فلسطين . يختلف هيبتنا مع نظام ولد عبد العزيز إلى ماشاء الله له، وله الحق في ذلك، لكن ليس له الحق أن يقدم للشعب الموريتاني موعظة ويقدم دعوة للحوار، وهو من حاور الطلاب في مصر بعد أن تلاشت منحهم الدراسية، حاورهم بالشرطة المصرية وسمح لها بسحلهم في شوارع القاهرة، ليس له الحق في الحديث عن الفساد والنهب، وهو من حول المليارات المخصصة لمشاريع تثمين التراث، إلى تراث شخصي . لايحق له أن يجلس بعد كل هذا ليخبر المويتانيين أن نظامهم المنتخب، والمشتغل من يوم تسلمه مقاليد البلاد للتخلص من إرثهم وثقافتهم التي تكرست في الأذهان، وحولت علاقة المواطنين بدولتهم إلى علاقة نفعية مصلحية يحكمها لصوص المال العام. لايحق له بعد كل ماضيه معنا ان يبدد أحلامنا ويشوش على مسار أرتضاه الموريتانيون، وتعلقوا به طوق نجاة للتخلص من إرث سنوات عجاف من الظلم والقهر. لايحق له أن يكتب ناقدا ..بقدر ما ينبغي له أن يكتب سائلا العفو طالبا الصفح..لايحق له ان يكتب ولايستحق ما كتب أن يناقش، أكثر من تاريخه الشخصي والنبش في ملفاته وتسييره.
محمد الأمين عرفه .