إنا لله وإنا إليه راجعون إنطفأ ذالك الأوار الساطع ، وانحسر المصب المتدفق ، واختفت قطعة الماس التي تتزين بها قرى ومدن إكيدي ، وتُرصع قلائد المجالس من تخوم لعكللْ إلى ضفاف شمامة ، وسكت ذالك الصوت المتناغم مع الضاد ولغة موليير وحسّانية ولد مانو ،لك الله يا أستاذي بلّي ولد ديدي حين قلت من آخر إنتاجك الشعري الجميل : ويغفر الله ما أمضيتُ من زلل *** عمدا ويصــــفحُ عن ما قلت من قولى والله يلــــطف بى دنيا و آخرة **** بالمصـــــطفى خير مرجـو لمسؤول رحمك الله.... هكذا شاء الله وقدر، وما هو مقدر كائن ، رحلت عنا في ساعة تملكنا فيها الرضى بالقضاء وأقررنا بسريان قيومية القيوم في كل شيء ....لقد انطوى كشكول من القول الفصل والمعلومات الجمّة ووافر الذكاء والطرافة ،كل الأماكن والكلمات الجميلة و"لغن" الحساني يبكي نحيبا ، ويتحسر لوعة .. بلِّي ولد ديدي ـ رحمه الله ـ....أتذكر جيدا تلك المرحلة من العمر التي وقف أمامي بكامل معاني الأستاذية كان فتى أنيقا في مقتبل العمر ، وكنت في السنة الأولى الإعدادية من العام الدراسي 1984/ 1985 ، مازلت أتذكر بكل التفاصيل تلك الحركات اللطيفة والكلمات الطريفة والمعلومات المنسابة بأريحية وحبور ، وكانت الطريقة المتبعة في تقديم الدرس تتم بحذق وذكاء لم أجدها عند أستاذ بعده طيلة مشواري الدراسي ، وقد تأثرت بها كثيرا ، وعندما تخرجت مدرسا في سلك التعليم لم يكن يخطر على بالي من أساتذتي إلا الأستاذ بلّي ولد ديدي ـ رحمه الله ـ فكنت أتمثل طريقته في تقديمي للدرس لعلي استخلص منها ما يعينني على توصيل المعلومات ، وأظنني وفقت إلى حد كبير، ولكن شتان ما بيني وبينه رحمه الله، وأحمد الله أني قلت له بأني أتبع نهجه في تقديم الدروس وهو على قيد الحياة ليعلم في حياته أني ثمرة من ثمار ذالك الجد على الرغم من أنه لم يدرسني سوى سنة دراسية واحدة . كانت مواقفه معنا لطيفة ومريحة ، يلطف جو الفصل وكدر الجِدّ بعبارات ولطائف تخرجنا إلى جو من المرح والسرور ، ولم يكن يترك صغيرة ولا كبيرة من جزئيات الدرس إلا تم التنبيه عليها بحصافة وبقدر من التعاطي والتفاعل البسيط . ونظم رحمه الله قصيدة من شعره الفصيح يوجهنا بها ، لا أذكر منها سوى قوله : يُدِلون المدرّسَ حين يُخطِي && لأنهمُ تلامِذة أدِلاّ اللهم تجاوز عن الأستاذ الجوهرة النادرة ، والشريان المتدفق ذكاء ومعلومات ، عبد الله ولد أحمد سالم ولد ديدي الملقب " بلّي" ، وألحقه اللهم بجدوده وآبائه الأبرار "الَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ " ، وضاعف له أضعافا كثيرة ، إنك سميع مجيب رحمن رحيم ، إني أبث من هنا خالص العزاء والمواساة لكل التلاميذ الذين استمعوا مرة إلى حنجرته الحلوة ، وإلى كل ساكني إكيدي مدنا وقرى وبوادي ، وإلى أهلنا في انيفرار والمذرذرة اللهم هون علينا مصاب فقده ، وألهم تلك الأسرة الكريمة ، أشبال العز والبركة موفور الصبر والسلوان ،و كن لهم عونا والطف بهم وبارك لهم ... وإنا لله وإنا إليه راجعون . محمدو ولد سيد عبد الله ـ سنغال