لندن ـ دمشق ـ «القدس العربي»: في قرار فاجأ الأوساط السياسية في العالم أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جيشه أمس الاثنين ببدء سحب الجزء الرئيسي من القوة الروسية في سوريا قائلا إن التدخل العسكري الروسي حقق أهدافه إلى حد كبير.
وقال بوتين خلال اجتماع في الكرملين مع وزيري الدفاع والخارجية الروسيين إن الانسحاب سيبدأ اعتبارا من اليوم الثلاثاء. وأمر بوتين بتكثيف الدور الروسي في عملية السلام الرامية لإنهاء الصراع في سوريا.
وذكر ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أن بوتين تحدث هاتفيا مع الرئيس السوري بشار الأسد لإبلاغه بالقرار الروسي.
وتابع إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره السوري بشار الأسد لم يناقشا مستقبل الأسد في المكالمة الهاتفية.
وقالت وكالة أنباء النظام السوري (سانا)، أمس الإثنين، إن رئيس النظام بشار الأسد اتفق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على «تخفيض عديد القوات الجوية الروسية في سوريا».
وفي خبر عاجل نشرته الوكالة، مساء أمس، وأوردت فيه «بعد النجاحات التي حققها الجيش العربي السوري بالتعاون مع سلاح الجو الروسي في محاربة الارهاب وعودة الأمن والأمان لمناطق عديدة في سوريا وارتفاع وتيرة ورقعة المصالحات في البلاد، اتفق الجانبان السوري والروسي خلال اتصال هاتفي بين الرئيس بشار الاسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تخفيض عديد القوات الجوية الروسية في سوريا».
وبررت الوكالة القرار بأنه يأتي «بما يتوافق مع المرحلة الميدانية الحالية واستمرار وقف الأعمال القتالية».
ويأتي نشر الوكالة الرسمية للخبر بعد دقائق من الإعلان عن إيعاز بوتين لوزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، بسحب القوات الرئيسية من سوريا، اعتباراً من اليوم الثلاثاء.
وبحسب تلفزيون «روسيا اليوم»، فإن القرار جاء عقب لقاء جمع بوتين مع كل من شويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف، أمس الاثنين في الكرملين.
وأعلن الكرملين أن «جميع ما خرج به اللقاء تم بالتنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد»، بحسب المصدر نفسه.
وأعلن سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة للمعارضة السورية الاثنين أن المعارضة تريد التحقق من تنفيذ القرار الروسي «على الارض» بعد إعلان موسكو نيتها سحب الجزء الاكبر من قواتها من سوريا.
وقال المسلط للصحافيين في جنيف «لا بد من أن نتحقق من طبيعة هذا القرار وما المقصود به» مضيفا «إذا كان هناك قرار بسحب القوات (الروسية) فهذا قرار ايجابي ولا بد من ان نرى ذلك على الأرض».
وقال بشار الجعفري رئيس وفد الحكومة السورية في محادثات جنيف للصحافيين أمس الاثنين إن الحكومة قدمت وثيقة بعنوان «العناصر الأساسية لحل سياسي» إلى ستافان دي ميستورا وسيط الأمم المتحدة في محادثات السلام، وكشفت مصادر مطلعة لـ«القدس العربي»، أن الوثيقة تحتوي على 12 بندا، وفيها اقتراح باجراء انتخابات برلمانية لا رئاسية واقتراح تشكيل حكومة مشتركة من المعارضة والنظام، مع إجراء انتخابات برلمانية وليست رئاسية.
وفي رده على مقترحات وفد الحكومة السورية إلى جنيف طالب كبير المفاوضين بوفد المعارضة السورية محمد علوش بـ»إعدام الرئيس السوري بشار الأسد»، وأعرب علوش، ممثل جماعة «جيش الإسلام» المعارضة عن رفضه لمقترحات الحكومة السورية بأن المفاوضات قد تفضي في نهاية المطاف إلى تشكيل حكومة جديدة بمشاركة المعارضة لكن مع بقاء الأسد في السلطة.
وأضاف قائلا «لابد من محاكمة بشار وإعدامه لقاء ما اقترفه من جرائم في حق الشعب السوري».
وأضافت المصادر من داخل وفد دمشق المفاوض في جنيف أن وثيقة «العناصر الأساسية لحل سياسي» والتي قدمت لدي مستورا، طالبت «بعقوبات على الأشخاص أو المجموعات التي لا تلتزم بأي اتفاق سياسي قد يخرج عن المفاوضات، وتستند الوثيقة على القرار 2254 الذي يتحدث عن إجراء انتخابات لكن القرار لم يحدد هذه الانتخابات ما إذا كانت رئاسية أو برلمانية ولذلك الوفد الحكومي يركز على أن الانتخابات برلمانية.
وقالت المصادر في مجمل حديثها لـ«القدس العربي»، «إن الحكومة لطالما أوقفت الأعمال القتالية وسمحت بإدخال المساعدات، ولطالما كانت هذه هي مطالب المعارضة في الجولة السابقة فإن دمشق لن تقدم المزيد من التنازلات».
وأضافت المصادر «أن أجواء جنيف من الناحية اللوجستية أفضل من المرة الماضية وأن الوفد الحكومي مرتاح للتنظيم وللإجراءات المرافقة أكثر من الجولة الماضية».
وقال المبعوث الأممي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، إنه التقى امس الاثنين، وفد النظام السوري، لـ»تناول قضايا إجرائية وتوضيحها»، مشيرا إلى أن اللقاء كان مثمرا، وتم توضيح العديد من النقاط».
وعقب اللقاء الذي جرى في مقر الأمم المتحدة بجنيف، أوضح دي ميستورا في تصريح صحافي، أن «اللقاء التالي مع وفد النظام متوقع أن يجري صباح الأربعاء، بما يعطيه وفريقه فرصة للتشاور»، لافتا إلى أنه «سيركز في الاجتماع المقبل على جدول الأعمال، الذي أسس له القرار الأممي 2254».
وأضاف أنه «أخبر رئيس وفد النظام السفير بشار الجعفري، أنه سيطلع مجلس الأمن الدولي بالتطورات، مساء اليوم، لأن هم من يصر على إجراء المحادثات، وهم يراقبون التقدم والصعوبات المحتملة».
وأكد أن «النقطة الأساسية التي يهدف إليها، هي الشمولية»، مؤكداً «ضرورة إطلاع المحاورين على كل القضايا».
وقال دي ميستورا إن سوريا تواجه لحظة الحقيقة وذلك خلال افتتاحه لأولى ثلاث جولات من المحادثات التي تهدف إلى التفاوض على الانتقال السياسي والتوصل إلى «خارطة طريق واضحة» لمستقبل سوريا.
وأضاف أنه لا توجد «خطة بديلة» سوى العودة إلى الحرب وطلب الاستماع إلى جميع الأطراف لكنه قال إنه لن يتردد في طلب تدخل القوى الكبرى بقيادة الولايات المتحدة وروسيا إذا تعثرت المحادثات.
وقال دي ميستورا في مؤتمر صحافي «إذا لم نر في هذه المحادثات أو في الجولات القادمة أي بادرة على الاستعداد للتفاوض… فإننا سنحيل الأمر مرة أخرى إلى من لهم تأثير أي روسيا الاتحادية والولايات المتحدة… ومجلس الأمن الدولي.»
وأعرب وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، عن أمله في أن يقوم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بضبط حليفه السياسي والعسكري، بشار الأسد، مشيراً إلى أنّه «لا يبدو مسيطراً عليه في الوقت الراهن»، وفقاً لتعبيره.
جاء ذلك، خلال مؤتمر صحافي عقده هاموند أمس الاثنين، قبيل المشاركة في اجتماع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، في العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث أشار إلى وجود حاجة للجانب الروسي، فيما يخص حل الأزمة السورية، لافتاً في الوقت ذاته إلى وجوب التأكد من أداء الأطراف لواجباتها فيما يخص اتفاق «وقف الأعمال العدائية» المُعلن في سوريا.
وستنتهي الجولة الأولى من المحادثات في 24 آذار/مارس تقريبا وتعقبها فترة راحة لمدة تتراوح بين سبعة وعشرة أيام ثم تجرى جولة ثانية لمدة أسبوعين على الأقل ثم فترة راحة أخرى تعقبها جولة ثالثة.
وقال دي ميستورا «نعتقد أنه بحلول ذلك الحين يجب أن تكون لدينا على الأقل خارطة طريق واضحة. لا أقول اتفاقا بل خارطة طريق واضحة لأن هذا هو ما تتوقعه سوريا منا جميعا.»
ولم يذكر دي ميستورا إن كان الزعماء الأكراد سيشاركون في المحادثات للمرة الأولى لكنه قال إن شكل المحادثات غير المباشرة يمنحه مرونة لسماع أكبر عدد ممكن من الأصوات وإنه يجب منح فرصة لكل السوريين.
وأضاف «قانون اللعبة سيكون هو أن تشمل الجميع.»
ونفى كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية لمفاوضات جنيف محمد علوش قيام المعارضة بتصعيد مطالبها قبل استئناف المحادثات في جنيف، وأكد أن النظام السوري وحلفاءه سيكونون هم المسؤولين إذا فشلت هذه المفاوضات.
واستنكر اتهام المعارضة بالتصعيد «لمجرد تأكيدها على أنه لا وجود لـ (الرئيس السوري بشار) الأسد في المرحلة الانتقالية بالرغم من كون ذلك مطلبا شعبيا».
وشدد «نحن وفد ثورة لا معارضة فقط… المظاهرات خرجت في الكثير من المدن السورية خلال فترة الهدنة للمطالبة بإسقاط النظام وليس التسوية أو الحل السياسي».