إعلانات

هل ينجح الإعلام الخليجي في مواجهة إعلام إيران وحزب الله بأدواته وبالمنع والحذف؟

أحد, 13/03/2016 - 06:16

الرياض ـ «القدس العربي»: خلال أقل من شهر عقد وزراء إعلام دول مجلس التعاون الخليجي اجتماعين في الرياض، الأول منهما كان «استثنائيا» وخصص لبحث كيفية مواجهة الحملة الإعلامية التي تتهم المملكة العربية السعودية وقوات التحالف العربي في اليمن بقصف المدنيين والمستشفيات والمراكز الصحية، وهي اتهامات وصلت إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
الاجتماع الثاني لوزراء إعلام دول الخليج والذي عقد الثلاثاء الماضي، كان الاجتماع العادي وهو الرابع والعشرون، ولكنه كان يبحث موضوعا استثنائيا، وهو كيفية التصدي لإعلام حزب الله وللإعلام الموالي لإيران في المنطقة.
في الموضوع الأول بالطبع كانت البرامج المقترحة لمواجهة الحملة الإعلامية الدولية التي تتهم السعودية وقوات التحالف العربي، تعتمد على الاتفاق مع شركات وعلاقات عامة دولية لتنفيذ برامج إعلامية تدحض الاتهامات الدولية.
وتدويل لغة وسائل الإعلام الرسمية ـ أي جعلها تبث بلغات أجنبية، بما فيها الفارسية ـ »حتى يسمع الصوت الخليجي ـ من مبدأ ان يكون للخليج «إعلامه» الذي ينقل خطابه للعالم».
وهذا يحتاج إلى أدوات لديها خبرات وقدرات أوسع مما لدى الإعلام الخليجي وحتى العربي. وهذا يحتاج إلى توحيد لغة الخطاب السياسي الخليجي.
فهل هناك مثل هذا الخطاب؟
في الأشهر الأخيرة أخذنا نلمس قيام تحالف عسكري وسياسي خليجي سيؤدي إلى تحويل مجلس التعاون إلى «حلف» يكون له الدور الأهم في أحداث المنطقة وتقرير مصيرها. ويبدو واضحا ان المملكة العربية السعودية هي التي تقود عملية تحويل مجلس التعاون إلى تحالف إلى ان يصبح حلفا، رغم انهم في الخليج لا يحبذون استخدام اصطلاح «حلف».
حتى ولو بدا موقف السلطنة العمانية لا يتماهى كثيرا مع مسألة تحويل صيغة «التعاون المشترك» لدول مجلس التعاون إلى تحالف ثم حلف، إلا ان مسقط ـ وبسبب التطورات السياسية والأمنية في المنطقة ـ تجد نفسها منخرطة مع شقيقاتها الخليجيات في برامجهم وسياساتهم. 
هذا الحلف الخليجي هو الذي يخوض الحرب في اليمن بقيادة سعودية، حتى ولو ساهمت به وبشكل رمزي بعض الدول العربية ليطلق عليه اسم «التحالف العربي».
وهذا الحلف الخليجي هو الذي يخوض حرب اليمن سياسيا، طبعا، مستندا إلى الثقل السياسي العربي والإسلامي والدولي للمملكة العربية السعودية. 
ان الموقف السياسي الخليجي موحد تجاه الحرب في اليمن. وهذا يعني ان هناك خطابا سياسيا خليجيا موحدا ـ وان كانت سلطنة عمان لا تتحفظ عليه ولكنها لا تجاريه. 
والإعلام الخليجي يبدو موحدا في تعاطيه مع الحرب في اليمن وان كان الحماس يتفاوت، والملاحظ ان الإعلام الإماراتي هو الأكثر حماسا في حملة التعبئة المعنوية الداخلية المشاركة في الحرب.
ولكن الملاحظ ان الإعلام الخليجي أكثر نجاحا في مخاطبة الرأي العام الداخلي الخليجي.
اما على الصعيد العربي، فان الخطاب الإعلامي الخليجي غير قادر على تحقيق نجاحات تجعل الرأي العام العربي يؤيد الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، رغم انه في الأشهر الأولى للحرب كانت هناك غالبية في الرأي العام العربي تؤيد هذه الحرب على أساس أنها ضد تمدد النفوذ الإيراني إلى اليمن. ولكن الإعلام الموالي لإيران ولحزب الله ـ والذي اتخذ من لبنان قاعدة له ـ استطاع ان يحقق اختراقات إعلامية على حساب الإعلام السعودي والخليجي، في العديد من ساحات الرأي العام العربي، ليس في لبنان فقط وفي مصر والأردن والمغرب العربي، بل وأيضا في الإعلام العربي ووسائل الإعلام الأجنبية الناطقة بالعربية في الخارج.
وهذا يعود لأمرين الأول منهما:
ان الأدوات الإعلامية الخليجية، وان كانت تتصدر المشهد الإعلامي العربي عبر قنواتها الفضائية الهامة والقوية مثل «العربية» السعودية و«الجزيرة» القطرية و«سكاي نيوز» الإماراتية، لم تنجح باقناع الرأي العام العربي بالخطاب السياسي الخليجي بشأن الحرب في اليمن.
لان الرأي العام العربي يرى ان ما يقوم به الإعلام الخليجي وقنواته التلفزيونية الفضائية هو عملية «شحن» وليس «اقناعا»، ويبدو ان المطلوب هو»تجييش» المواطن العربي، وليس اقناعه بان ما يجري في اليمن هو درء للخطر الإيراني عن المنطقة.
هذا الإعلام يملك كفاءات إعلامية عربية، ولكن يبدو ان قياداته خليجية تعتقد ان المعركة الإعلامية المواكبة للعسكرية والسياسية هي معركة «تجييش» وتعبئة عامة.
والأمر الثاني الذي يقف وراء سبب عدم تحقيق الإعلام الخليجي النجاحات المطلوب ان تواكب المعركة في اليمن، هو ان المسؤولين عن هذا الإعلام يرون ان أدواتهم لوحدها قادرة على قيادة وخوض المعركة إعلاميا، لذلك أسرفوا في تمويلها والإغداق المالي عليها.
وأوقفوا ما كانوا يقدمونه من مساعدات «مالية» وهي قليلة، لبعض الإعلام العربي الحليف لهم على أساس ان لديهم أدواتهم الإعلامية وليسوا بحاجة إلى الآخرين وأدواتهم، معتقدين ان الآخرين كانوا يبتزونهم أو سيبتزونهم ليقفوا معهم. 
وطبعا هذا مفهوم يتعارض مع ما يجري على أرض المعركة. فالمملكة حريصة ان تبين ان الحرب في اليمن يخوضها تحالف عربي وليس السعودية ودول الخليج.
في حين نرى ان الطرف الآخر (إيران وحزب الله) الذي اتخذ من لبنان مركزا لإدارة عملياته الإعلامية في العالم العربي، عمل على إنشاء قنوات فضائية وصحف ومواقع إخبارية الكترونية تابعة له مباشرة وغير مباشرة وهذه تخاطب الرأي العام العربي بلغات (ليس المقصود المعنى اللغوي) مختلفة، فللرأي العام الشيعي في لبنان والعراق تخاطبه بلغة تعبوية فيها تجييش وحشد، في حين ان الأدوات الإعلامية التي تساعدها ماليا وتمولها فان الخطاب الإعلامي يعتمد على «الاقناع» وعلى إظهار الطرف الآخر بانه معاد للمشروع الوطني والقومي.
وللحقيقة ـ حتى وان أغضبت مسؤولي الإعلام الخليجي ـ فان الإعلام الإيراني يحقق نجاحاته بذكاء، على حساب الإعلام الخليجي على عكس ما يجري على أرض المواجهة العسكرية والسياسية مع إيران.
والاجتماع الثاني الذي عقده وزراء الإعلام، خلال أقل من شهر كان هدفه الرئيسي هو كيفية التصدي لحزب الله وإعلامه بعد اعتبار حزب الله منظمة إرهابية.
وفي هذا الصدد وافق الوزراء على مجموعة قرارات كان نظيرهم السعودي الدكتور عادل الطريفي قد طرحها عليهم بهذا الشأن وهي كما صرح الوزير الطريفي «على اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمنع التعامل مع أي قنوات محسوبة على ميليشيات حزب الله، وقادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها وذلك باعتبارها ميليشيات إرهابية، تسعى إلى إثارة الفتن، كما أن تلك الإجراءات القانونية الواردة بالقرار سوف تسري على كافة شركات الإنتاج والمنتجين وقطاع المحتوى الإعلامي وكل ما يندرج تحت مظلة الإعلام، وذلك استناداً إلى ما تنص عليه القوانين السارية بدول المجلس وأحكام القانون الدولي ذات الصلة بمكافحة الإرهاب».
واشار الوزير السعودي إلى اتفاق خليجي على إعداد آلية لمكافحة أبواق تنظيمات داعش وحزب الله والقاعدة وغيرها، من خلال مكافحتها برامجياً وإنتاجياً، وأيضاً على مستوى الظهور الإعلامي، فضلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح الوزير الطريفي، إن «جملة من المبادرات في هذا السياق باتت في إطار التنفيذ»، مشيراً إلى «اتصالات مع وسائل الإعلام المحلية والخارجية، للتشاور وطرح كل التفاصيل المتعلقة بالجرائم والانتهاكات، سواء كانت من ميليشيات الحوثي أو حزب الله أو ميليشيات إرهابية أخرى».
ودعا إلى «الوقوف بحزم ضد الأبواق الإعلامية لحزب الله والوسائل الإعلامية المرتبطة به، لفضح ميليشياته ومخططاته». واعتبر أن «الخطاب الإعلامي الحاقد للحزب الفارسي، واستمراره في تأجيج نار الطائفية وتوسيع دائرة الفرقة والانقسام في المنطقة، والافتراءات والادّعاءات التي يرددها ضد دول المجلس، تتطلب العمل على توحيد الجهود للوقوف صفاً واحداً لتعرية هذا الحزب ومن يقف وراءه». ولاشك ان الإجراءات الإعلامية الخليجية لن تنجح إذا اقتصرت فقط على مقاطعة ومنع الإعلام الإيراني وإعلام حزب الله من البث، بل ان الأمر يحتاج إلى كيفية الوصول إلى أجهزة الإعلام والرأي العام العربي ليس بأدوات إعلامية خليجية فقط.