نظم بيت الشعر في نواكشوط مساء الخميس الماضي ندوة نقدية تحت شعار "لغة الشعر بين جيلين"،، وذلك بمشاركة نخبة من أساتذة الجامعة والباحثين والشعراء وجمهور من محبي الشعر. وانطلقت الندوة بكلمة ترحيبية ألقاها المشرف الثقافي بالبيت محمد المحبوبي، رحب فيها بالحضور، وقدم المحاضرين، الذين يعتبرون من ابرز أساتذة الأدب والنقد بجامعة نواكشوط. بعد ذلك أحيلت الكلمة إلى المحاضر الأول في الندوة أستاذ النقد ونائب رئيس جامعة نواكشوط الدكتور محمد الأمين ولد مولاي إبراهيم، الذي قدم محاضرة مطولة تطرقت لموضع الندوة من أكثر من زاوية. وقدمت المحاضرة تصورا عن شعرية الشعر الحديث في موريتانيا، وجماليات القول الأدبي فيه، ومكان الإمتاع والمؤانسة فيه، بالتركيز علي اللغة العليا فيه، باعتبارها المدخل الفني المحدد لزاوية النظر، ولدائرة القول النقدي حوله. وينطلق هذا التصور من أطروحة سبق أن اختبرها الباحث في عدد من أعماله النقدية عن الأدب الموريتاني، مؤداها أن التحولات الفنية والأدبية التي عرفها هذا الأدب مع انتقاله إلي علم المدينة و سلطة الدولة، لم تكن نتيجة لتحولات سياسية واجتماعية وثقافية، كما ذهب إلي ذلك أصحاب المناهج السياقية في دراستهم لنصوص هذا الأدب وتفسيرهم لظواهره، وإنما هي نتيجة لتحولات في أدبية القول الأدبي، ومستويات لغته وطرائق تكثيفها، مست منابت القول الأدبي وجماليات ألفة تلقيه. وقد انتهى المحاضر إلي أهم الأسئلة التي تثيرها هذه الأطروحة في البيئة العلمية والثقافية الحاضنة، في جهد من المحاضر لتعميق الوعي النقدي والمنهجي بالفكر الأدبي لهذه الحاضنة، وتنشيط الذهنية النقدية لأصحابها إنتاجا واستقبالا، وسعيا منه إلي تعميق الصلة ما بين الباحثين في الفكر الأدبي، والوسط الثقافي المهتم من جهة، والي بناء جسور من التواصل بين هؤلاء تقوم علي الحور المعرفي المستند إلي متابعة الرأي الأدبي والنقدي و النظرية الأدبية والأطروحة في الأعمال التي تصدر ، سبلا إلي بناء تصور عن الأدب أو الحكم الأدبي أو النقدي علي النص، ورغبة من الباحث في تجذير التقاليد العلمية والثقافية في حياتنا العلمية والثقافية. أما الأستاذ بجامعة نواكشوط الدكتور أبوه ولد بلبلاه، فقد قدم محاضرته عن الجانب اللغوي، متحدثا عن الأخطاء التي تميز أدب غالبية الجيل الحديث وحتى لغة وسائل الإعلام، وأورد عشرات النماذج من الأخطاء الشائعة، سواء على مستوى ضبط الشكل أو دلالات الألفاظ، وغير ذلك. وبعد المحاضرة القيمة التي حظيت بتفاعل كبير من الحضور، بدأت التعقيبات مع الدكتور عبد الله السيد مدير بيت الشعر، والذي عقب أساسا على ما ورد في محاضرة الدكتور أبوه ولد بلبلاه فيما يتعلق بحرية الشعراء في استخدام اللغة، وحتى في كسر قواعدها، تسهيلا للعملية الإبداعية. أما الشاعرة مباركة بنت البراء فقد أكدت في تعقيبها أن مسؤولية سلامة اللغة الأدبية تعود لجهد مشترك بين الشعراء والمدرسين، واستطردت موضحة أن سلامة اللغة تعود إلى المنهج التربوي الذي يجب أن يبدأ لغويا من مستوى روضة الأطفال فما فوق. هذا، وأثنى الحضور على الدور الريادي الذي يقوم به بيت الشعر في نواكشوط من تنشيط للساحة الشعرية والأدبية والثقافية في موريتانيا عبر أماسيه المنتظمة كل أسبوعين، وعبر النخبة الإبداعية التي يستضيفها في هذه الأماسي.