كشفت صحيفة فرنسية عن تفاصيل جديدة بشأن أسباب اتخاذ الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي التدخل في ليبيا لإسقاط معمر القذافي، مشيرة إلى وثيقة أمريكية أوضحت أن البحث عن "الذهب" والأموال أهم أسباب تدخلها في هذا الأمر.
ونشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا على أثر الكشف عن وثيقة أمريكية تقول إن الرئيس الفرنسي السابق، نيكولا ساركوزي، اتخذ قرار التدخل في ليبيا لأسباب مادية بحتة، ناقشت فيه مدى واقعية هذه الفرضية التي تحدث عنها مستشار وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون.
وقالت الصحيفة إن هذه المعلومة المسربة مثيرة للجدل، وقد أصبحت منذ اللحظات الأولى محل تشكيك من قبل العديد من المراقبين، وهي تشير إلى أن قرار ساركوزي بالتدخل عسكريا في ليبيا في مارس 2011، من أجل معاقبة الدكتاتور الراحل معمر القذافي؛ لأنه كان يخطط لإطلاق عملة أفريقية موحدة، كانت لتشكل ضربة قوية للمصالح الفرنسية في أفريقيا وتكسر الهيمنة الاقتصادية الفرنسية على دول القارة، كما تقول الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن هذه المعلومة وردت في المراسلات الخاصة بهيلاري كلنتون، أثناء تواصلها مع الصحفي سيدني بلومنتال في ربيع سنة 2011، حين اعتمدت عليه مستشارا لها بشكل غير رسمي. وقد ظهرت هذه المعلومة في آخر دفعة من المراسلات التي تم الكشف عنها في نهاية شهر ديسمبر، في إطار فضيحة "ميل غيت" التي تواصل التسبب بحرج كبير للمرشحة الديمقراطية للرئاسة منذ تسعة أشهر.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المراسلة واردة بتاريخ الأول من أبريل 2011، وقد كان حلف الناتو حينها قد شرع فعلا في تنفيذ ضرباته ضد النظام الليبي، وهي تشير إلى وجود مخزون هائل من الذهب، يبلغ 134 طنا، ومخزون آخر من الأموال يزن أيضا 134 طنا، أي ما قيمته سبعة مليارات دولار، جمعها القذافي؛ بهدف إطلاق مشروعه للعملة الأفريقية الموحدة.
وبحسب هذا الحوار الذي دار بين كلنتون والصحفي بلومنتال، فإن هذه الشحنة من الذهب والمال تم نقلها نحو مدينة سبها في الجنوب الغربي، في نهاية مارس، أي بعد ستة أسابيع من اندلاع الثورة الليبية. وقد ذكر بلومنتال أن مصادر معلوماته هي أشخاص مقربون من سيف الإسلام القذافي.
وبحسب بلومنتال، فإن "أجهزة المخابرات الفرنسية اكتشفت وجود مخطط القذافي لإطلاق العملة الأفريقية، بعد فترة قصيرة من انطلاق الثورة الليبية، وكانت هذه المعلومات إحدى أهم العوامل التي أثرت على قرار ساركوزي بإقحام فرنسا في الأحداث الجارية في ليبيا".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المعلومات تثير جدلا كبيرا في فرنسا. ونقلت في هذا السياق عن باتريك هاييمزاده، الدبلوماسي الفرنسي السابق في ليبيا بين 2001 و2004، ومؤلف كتاب "في قلب ليبيا القذافي"، أنه "يجب التعامل مع هذه الفرضية بحذر، نظرا لما يحيط بها من شكوك. إذ إن قرار ساركوزي بالتدخل اتخذ في 21 شباط/ فبراير 2011، أي بعد أربعة أيام فقط من اندلاع الاحتجاجات، وبالتالي فهو لم ينتظر هذه المعلومات المزعومة حول مخطط يستهدف المصالح الفرنسية في أفريقيا".
كما أكد هاييمزاده، في إطار دفاعه عن الرئيس الفرنسي السابق، أن "هدف ساركوزي الأساسي من التدخل لم يكن ماديا، بل كان يرمي إلى إظهار وقوفه مع الشعوب العربية ودعمه لتطلعاتها نحو الديمقراطية والحرية، بعد الخطأ الذي وقعت فيه وزيرة الدفاع السابقة ميشال أليو ماري"، في إشارة إلى موقفها المساند للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي ضد الثورة التونسية، حين عرضت إرسال الخبرات الفرنسية لمساعدته على قمع الاحتجاجات، وهو ما جلب لها موجة كبيرة من الانتقادات دفعتها في النهاية لتقديم استقالتها.