للأسف الشديد يتواصل قطار هجرة الشباب الغير الشرعية في أكثر حالاتها الى افريقيا السمراء بلاد الماما أفريكا, لم تمنعهم القوانين الدولية منذ بلوغ أول مولود موريتاني سن الرشد.
لتحقيق حلم راوده منذ تلك اللحظة في حي متواضع ومع أسرة تعيش على خط الفقر تحت سقف منزل من الأسمنت المحلي على أرض شنقيط الأبية
وهي التى ضحت بالغالي والنفيس وبفلذات آكبادها من أجل الحرية والإستقلال , شأنها في ذلك تأمين مستقبل واعد للأجيال القادمة من خلال حوزة ترابية حباها الله بنهر يمتد طوله عشرات المترات وبمعادن نادرة تقدر صادراتها بآلاف الأطنان سنوياً.
لكن نظام المحاصصة الذي تم اعتماده منذ النشأة غير مجرى المياه.
في مجتمع اصبح اهله يؤمنون بلقمة العيش ورغد الحياة, بعد ما كان يعرف عنهم من الكرم والأخلاق,
انقلبت الموازين, فماكان منكرابالأمس اصبح معروفا اليوم.
, واصبح لامكان فيه لمن لا يمتلك ارصدة في البنك, ويقود سيارة من نوع V8 ويلبس فضفاضة من"ازبي" و يرتدي حذاء من "Birtoze " ويعلق ساعة من مرك Goutchi " ويسكن في منزل فاخر في حي من أحياء العاصمة الراقية, لا يهم من أين اكتسبه وفيما انفقه.
بعد ذالك كن ابن من شئت فانت الفتى لا محالة.
عوامل من بين أخرى جعلت الشاب الموريتاني بين امرين كلاهما مر
وهجرتنا اليوم من نوع آخر
منذ سنوات وانكولا أو الجمهورية الأنكولية كمايسمونها بشكل رسمي في دستورهم,
تقع جغرافيا في الجنوب من القارة
وعاصمتها لويندا التي عرفناها بالكرم والجود وارتبط إسمها عندنا في السنوات الماضية بأسماء أسر وقبائل,
أما لغتها الرسمية فهي البرتغالية ويتكلم سكانها بعدة لهجات محلية مثل :النوكولية والكونغولية والكوندوية وغيرها...
استقلت عن البرتغال سنة 1975
ويدين أكثر شعبها بالمسيحية الكاثلوكية
ويعتمد اقتصادها على النفط بشكل كبير
ولها عملة محلية تسمى " لكوينزا" وقد ظلت وجهة للشباب الموريتاني الراغبين في العمل منذ سنوات خلت و ارتبط هذ الإسم عندنا با لعملة الصعبة "االدولار" وباتت تشكل ملاذا آمنا لجمع المال بطريقة سهلة ومربحة للآلاف من أبناء هذا الوطن ومنهم شخصيات معروفة ظهرت مع ظهور الدولة: نواب, شيوخ, رجال أعمال, نشطاء في المجتمع المدني.
كما قال الشاعر الأندلسي أبو العلاء الرامدي في قصيدته المشهورة :
لكل شيء إذا ماتم نقصان "" فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول "" من سره زمن ساءته ازمان
وهذه الدار لا تبقي على أحد "" ولا يدوم على حال لها شان
" كل شيء إذابلغ الحد انتهى "
ويقول جل وعلا :
(و تلك الأيام نداولها بين الناس )
آنكولا اليوم تعيش ازمة اقتصادية خانقة منذ مايربو على سنة ونيف تقريباً, تسببت في ركود للأسواق وتوقف للمشاريع المحلية من طرق وغيرها.
تمثلت الأزمة في سقوط مفاجئ لعملتها المحلية " لكوينزا " وصعوبة الحصول على العملة الصعبة " ادولار ".
مما جعل تحويل الأموال إلى خارج الدولة من الصعوبة مع خسارة خمسين في المئة مقارنة بالسابق , وضعف القوة الشرائية عند المواطنين.
ويرجعه خبراء الاقتصاد لعوامل من بينها : تراجع صادراتها من النفط بشكل ملحوظ , نتجة للتفاقية إيران والولايات المتحدة الأمركية حول تصدير النفط في شبه المنطقة.
وأصبح لا مكان فيها لمن لا ترغمه الظروف على ذلك ممنيا النفس بفرج عاجل وقريب.
فبقاء الحال من المحال.
وحسب مصادر من عين المكان.
يفكر البعض في الهجرة من " انكولا " الى بلد اخر " الكابون " أو "الكونغو "و قد يتكرر نفس السيناريو في أي وقت تاركاً خلفه سنوات من العمر ذهبت ولن ترجع أبداً حتى ولو رجعت حليمة لعادتها القديمة وعادت لوندا على ماكانت عليه في السابق.
دون التفكير في الرجوع الى مراتع صباه وحضن أمه التى تشتاق إليه من حين لآخر ولم تتمكن من رؤيته أو احتضانه منذ فترة, فالحياة بالنسبة له لا قيمة لها دون جمع المال ولو بطرق غير شرعية, ضاربا عرض الحائط ماتعلم من كتاب الله عز وجل والآيات الواردة في التوكل على الحي الباقي الدائم الذي لا يموت.
أقول لك وبكل صدق أرجع إلى وطنك وارضى بالقليل, فالحياة قصيرة لا تستحق التضحية, وجمع مال قد لا تسقى منه شربة ماء, واعلم عافاني الله وإياك أنه لن يموت أحد حتى يكتمل رزقه ولو كان في قلب صخرة, فالتجمل في الأسباب مطلوب شرعا, والعمر قصير , واليقين على الله واجب فمن رزق الطير في السماء ورزق الحوت في الماء وصورك بأحسن صورة ورباك بالنعم وجعلك من خير الأمم, و اصبغ عليك نعمه ظاهرة وباطنة وكتب لك رزقك وأجلك, شقي أو سعيد وأنت نطفة في قرار مكين من رحم أنثى , سيكفيك وانت رجل,تأمل الغنى وتخشى الفقر وفي الحديث القدسي: ياعِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.
فمتى ستكون الدولة الموريتانية حضنا دافئا لجميع أبنائها المغتربين, وتلم شمل من فرقتهم الظروف والأقدار مع أحبة لم يغيبوا عن البال ولو لحظة ولسان حالهم يقول :
بلادي وإن جارت علي عزيزة "" وأهلي وإن ضنوا علي كرام .