
تابعت بيانا مطولا، كتبه نائب برلماني من إحدى العواصم الأوربية، تحدث فيه عن الأوضاع في موريتانيا، وهنا أود التوقف عند مزاعمه بشأن التعليم، لأسجل النقاط التالية، إحقاقا للحق وإنارة للرأي العام، ودفعا للمغالطات.
أولا: السيد النائب، ما تفضلتم به بخصوص غياب المدرسين غير صحيح، بعبارة أخرى تلك المعلومة كاذبة تماما، وأنتم أنفسكم لم تستطيعوا تقديم معطيات محددة يمكن التثبت من صحتها، بل تحدثتم بأسلوب التعميم على طريقة ديماغوجية السياسيين، ومن موقع المطلع على حقيقة الأمر وبلغة الأرقام، وبشكل يومي، يمكنني أن أؤكد لك –السيد النائب- أنه لا توجد اليوم مدارس ولا إعداديات ولا ثانويات بها تلاميذ لا يجدون معلما ولا أستاذا، لا بل أزيدك من الشعر بيتا أنه في أماكن عديدة تكون نسبة حضور المدرسين أعلى من نسبة حضور التلاميذ، وهذا ما تحدث عنه بعض الأساتذة والمعلمين على صفحاتهم الشخصية، حيث يؤكدون اكتمال حضور طواقم التدريس، بينما أعداد التلاميذ في الفصول قليلة.
هذا لا يعني أنه لا يوجد لدينا بالمطلق نقص في المدرسين، لكنه نقص بسيط، ويتم التغلب عليه بحسن تسيير وتوزيع المصادر البشرية، والاكتتابات التي تمت في السنوات الأخيرة وبلغت نحو 13 ألف مدرس قلصت إلى حد كبير الفجوة بين العرض والطلب بخصوص أعداد التلاميذ ونسبة المدرسين المطلوب توفرهم.
ثانيا: بخصوص حديثكم عن نقص الزي المدرسي، ينبغي أولا أن تستحضروا أنه قبل وصول رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني للحكم وتأسيسه المدرسة الجمهورية، لم يكن لدينا أصلا زي مدرسي موحد، حتى نتحدث عن نقصه أو وفرته، ثم إن الدولة – عبر قطاعات متعددة- تواصل جهود توفير الزي المدرسي لجميع التلاميذ، ووزارة التربية، ومندوبية تآزر، وحتى المنتخبون المحليون، ورجال الأعمال .. الجميع يعملون للتغلب على هذا النقص، وكان من الأفضل لكم – السيد النائب- لو تبرعتم براتبكم لشهر واحد، أو بجزء منه، أو على الأقل ألغيتم واحدة من رحلاتكم السياحية المستمرة بين دول العالم، وتبرعتم بمخصصات تلك الرحلة لاقتناء المئات من قطع الزي المدرسي لصالح إحدى المدارس، حتى يكون لكلامكم معنى، ويسجل التاريخ لكم أنكم قدمتم شيئا مفيدا ملموسا للشعب ولو مرة واحدة.
ثالثا: بالعودة للحديث عن غياب المدرسين، أود أن ألفت انتباهكم – السيد النائب- إلى أن أكثر المعلمين والأساتذة تغيبا وكسلا، سيكون أكثر منكم مواظبة وحضورا في مكان العمل، فأنتم – السيد النائب- في سفر سياحي دائم بين داكار، وباريس، وابروكسيل، وغيرها من العواصم، ولا تدخلون قبة البرلمان إلا في مناسبات قليلة جدا عندما تريدون استغلال جلسة برلمانية كمنبر لتوزيع الشتائم، وبث المغالطات، واللعب بمشاعر جمهور طالما تكسبتم على حسابه، فالأولى بكم أن تقدموا للشعب رقما يوضح نسبة حضوركم شخصيا للجلسات البرلمانية لطرح قضايا المواطنين ومشاكلهم والدفاع عنهم تحت قبة البرلمان، وكيف تبررون هذا التغيب المستمر عن عملكم،علما أن راتبكم وامتيازاتكم المالية تأخذونها كاملة غير منقوصة، وكان عليكم – من باب الشفافية- التعفف عنها أو عن جزء منها على الأقل لأنكم لم تقدموا مقابلها أي خدمة للشعب.
رابعا: السيد النائب المحترم، نحن في وزارة التربية وإصلاح نظام التعليم نستقبل بشكل شبه يومي نوابا برلمانيين، من المعارضة، والأغلبية، يأتون لنقاش واقع التعليم في دوائرهم الانتخابية، ونتعاون معهم لحل تلك المشاكل، وتحسين خدمة التعليم بشكل مستمر ، بينما لم نسجل لكم أي حضور ولا مرة واحدة طوال سنواتكم نائبا لطرح قضية تتعلق بالتعليم على الجهة الرسمية المعنية به، وتكتفون بصفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي تغذونها من غرف مكيفة في فنادق في ابروكسل وباريس، وأنتم في الحقيقة لا تملكون أي معلومات عن واقع التعليم الحقيقي.
تحياتي.
كتبه: الأستاذ سعدبوه الشيخ محمد، المدير المساعد للمصادر البشرية بوزارة التربية وإصللاح نظام التعليم، من مكتبه في مقر الوزارة، بتاريخ 2025/10/23..