إعلانات

أسباب فشل "داعش" في استقطاب شباب موريتانيا (تقرير)

أربعاء, 30/12/2015 - 14:21

موريتانيا (CNN)-- نفى الرئيس الموريتاني الحالي محمد ولد عبد العزيز خلال مقابلة تلفزيونية علي هامش الاحتفالات المخلدة للذكري الخامسة و الخمسين لعيد الاستقلال الوطني، وجود أي مواطن موريتاني ضمن "داعش".

وقال ولد عبد العزيز حينئذ إنه لا علم للسلطات الأمنية بانتماء أي مواطن يحمل الجنسية الموريتانية للتنظيم الإرهابي “داعش”، مضيفا أن الأنباء التي ترددت عن وجود شبكات تقوم بتجنيد مقاتلين لداعش في موريتانيا لا أساس لها من الصحة ولا تستند لأي دليل، وأن هذه الشائعات تخدم أهدافًا شخصية.

وكان الرئيس يرد حينها علي تصريحات للرئيس الموريتاني الأسبق و المدير العام للأمن الوطني طيلة عقدين من الزمن "أعل ولد محمد فال" الذي أدلى بتصريحات لإذاعة فرنسا الدولية (RFI) شهر يوليو/تموز الماضي، أكد خلالها أن "داعش" يقوم بعمليات اكتتاب واسعة في القرى الموريتانية وأن السلطات تغض الطرف عنها، متهما إياها بالعجز.

ولا يملك المراقبون القدرة على نفي أو إثبات أحد الرأيين لكنهم يتفقون علي أن عدد الموريتانيين في تنظيم داعش إن وُجد فهو لا يكاد يُذكر وهو ما يدفع إلي مزيد من التساؤلات عن المناعة والحصانة التي يتمتع بها الشباب الموريتاني وفشل تنظيم الدولة الإسلاميه في استقطابه و استدراجه، فالمتابع للتقارير التي تم نشرها عن الجنسيات المنضوية في التنظيم يكتشف عدم تورط الموريتانيين أو على الأقل قلة عددهم.

ويؤكد الأستاذ الجامعي ، محمد ولد سيدي، أن أي رقم يُقدم في هذا الإطار هو رقم تقديري وليس حقيقي، ويقول إنه حتى في التنظيمات الجهادية القريبة من موريتانيا والناشطة علي حدودها والتي تمتلك نفس الخلفية التي تتوفر عند "داعش"، لا توجد أرقام حقيقية مؤكدة، بفعل تداخل مجتمعات هذه المنطقة فيما بينها وفوضوية الحصول علي الأوراق الثبوتية في بعض دول المنطقة، وتعدد الجوازات التي يحمل أفراد هذه الجماعات.

ويتابع: "بالنسبة لداعش تحديدا وباستثناء الخلية الصغيرة التي لا تتجاوز الشخصين التي أعلن الأمن عن تفكيكها في أقصى الشمال الموريتاني قرب الحدود الموريتانية الجزائرية، والفتى المهندس، محمد ولد بريهيمات، الذي أبلغ أهله بالتحاقه بداعش من خلال الفيس بوك، لا توجد أدلة قاطعة على حضور موريتانيين في هذه الحركة".

واستطرد قائلًا: " لكن يمكن الحديث عن حضور بعض الموريتانيين في شطر جماعة "المرابطين" الذي أعلن مبايعته لداعش بقيادة عدنان أبو الوليد الصحراوي، وأكثر التقديرات وجاهة ومصداقية ترى أنهم بالكاد يتجاوزون عشرة أشخاص".

الصحفي، عبد الودود الجيلاني، في تفسيره لقلة عدد الموريتانيين في هذه التنظيمات  يشير إلى أن الفضاء الافتراضي " الإنترنت" هو الميدان المحبب للجماعات المتطرفة لاقتناص فرائسها، وهو وسيلة تلك الجماعات في التجنيد و كسب المزيد من المنتسبين.

ويتابع عبد الوداود أن عدم استخدام الإنترنت في البلاد بشكل كبير وضعف شبكتها ربما يكون له دوره في ضعف إقبال الموريتانيين علي هذه الجماعات، كما يؤكد على أن نشر الإسلام الوسطي السمح و ثقافة التسامح و لسلم والتوادد و التراحم السائدة في المجتمع،  كان لها دورها أيضا في تحصين الشباب الموريتاني، وعزوفه عن هذه الجماعات .

ويعتقد مراقبون أن انتشار الفكر الإرهابي في البلاد جاء من خلال تسرب عناصر جهادية من الجزائر التي عانت خلال عقد التسعينيات مما يسمى "عشرية الدم"، حيث سقط أكثر من 150 ألف قتيل في صِدام دموي ما بين الدولة وجماعات مسلحة، فرّ على إثره بعض قياديي هذه الجماعات إلى الخارج.

وقد واجهت الحكومة الموريتانية الفكر المتشدد بالفكر المتسامح بعد أن خاضت مُواجهة أمنية وعسكرية مفتوحة مع المجموعات السلفية المسلحة، التابعة للتنظيمات الجهادية، ففتحت حوارا فكريا دينيا بإشراف أبرز علماء البلاد وحتى وقبل انطلاق هذا الحوار أصدرت مجموعة كبيرة من الجهاديين بيانا رحّـبت فيه بالحوار وأعربت عن نبذِها للعُـنف ورفْـضها لحمل السِّـلاح ضد البلد وقد أعطى هذا الحوار نتائج مهمة تجسدت في تخلي  البعض عن أفكاره المتطرفة.

وإلى وقت قريب ورغم إدانة محكمة موريتانية السنة الماضية لخلية تتكون من ثلاثة أفراد بالانتساب لتنظيم "داعش"، فقد ظلت البلاد بعيدة عن مركز اهتمام "الدواعش" إلا أن نشر التنظيم في مجلته "دابق" خارطة جديدة، تضم موريتانيا بكامل أطرافها، أعطى إشارات واضحة الدلالة علي نيته كسب عقول و قلوب الشباب الموريتاني، ممّا قد يجعل موريتانيا هدفًا جديدًا لـ"داعش" لأجل مزيد من التمدد في المنطقة.