توفي الأسبوع الماضي، المفتي العام للسعودية، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، والذي كان يشغل أيضا منصب رئيس هيئة كبار العلماء، وذلك عن عمر يناهز 82 عاماً.
وتزامنت وفاة آل الشيخ مع أكبر موجة تحول تشهدها السعودية، وذلك منذ الإعلان عن رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتقوم على أسس أبرزها الانفتاح غير المسبوق في المملكة التي لطالما نُظر عليها على أنها دولة إسلامية في القوانين والتشريعات والحياة الاجتماعية.
من الفرد إلى المجموعةاستحدث منصب المفتي العام للبلاد، في عهد الملك عبدالعزيز مع تعيين الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، الذي جمع سلطات دينية وقضائية واسعة. وشغل محمد بن إبراهيم مناصب وزير العدل، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، ورئيس هيئة تعليم البنات، إلى جانب كونه المفتي، مما جعله رمزاً للمركزية الدينية حتى وفاته في 1969.
عكست هذه الهيمنة في المناصب، الشراكة التاريخية بين آل سعود وآل الشيخ، أحفاد الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي كان إلى جانب الإمام محمد بن سعود في إعلان تأسيس الدولة السعودية الأولى.
ولكن وفاة الشيخ محمد بن إبراهيم، أدت إلى فراغ في منصب المفتي، وحينها قام الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز بإعادة هيكلة جذرية. تضمنت إلغاء أو تجميد منصب المفتي العام، وتأسيس هيئة كبار العلماء في 1971 لتوزيع السلطة الدينية على مجموعة علماء، مما قلل من الاعتماد على فرد واحد.
كما أنشأ الملك فيصل الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، التي تضم اللجنة الدائمة للإفتاء كذراع تنفيذي للفتاوى اليومية.
توارث المنصب وابن باز استثناءعُيّن إبراهيم آل الشيخ، ابن المفتي الراحل محمد بن إبراهيم، رئيساً لهيئة كبار العلماء، والرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، ولكن في عام 1992، وبسبب تحديات حرب الخليج الثانية وصعود ما يُعرف بـ"تيار الصحوة" الإسلامية، أعاد الملك فهد استحداث منصب المفتي العام لتوحيد المرجعية الدينية.
وعُيّن الشيخ عبدالعزيز بن باز، رئيس هيئة كبار العلماء آنذاك، مفتياً عاما للمملكة، مما عزز شرعية الدولة في مواجهة الخطابات المنافسة.
وفي ذات الفترة، أُسست وزارة الشؤون الإسلامية لدعم النفوذ الديني الموالي للسلطة. وبعد وفاة ابن باز في 1999، عُين الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتياً عاماً، مما أعاد المنصب إلى أسرة آل الشيخ.