
في ربيعِ العُمر، حين تتفتّح الآمال كالأزهار في بُكور الربيع، يُطلّ الشباب على الحياة بنظراتٍ ملؤها الطموح، وخُطاهم تطرقُ دروب المجد بعزيمة لا تَلين. يَحملون في صدورهم أحلامَ الأوطان، ويُشيدون في خيالهم مدنًا من نجاح، ووظائفَ تُثمّن الكفاءات، وتُكرِّم العقول.
لكن، ما إن يَشتدّ بهم السير حتى تعترضهم أمواجُ الواقع المتلاطمة، ويَلوح في أفقهم شبحُ البطالة، لا كعقبةٍ عابرة، بل كجدارٍ صلدٍ يُهدّد بكتم أنفاس الأمل في مَهده.
إنها معاناة تُشبه زورقًا صغيرًا، يمخرُ عبابَ بحرٍ هائجٍ دون بوصلة؛ فلا الشهادة الجامعية كانت جواز عبور، ولا المهارة كانت شفاعة أمام سوقٍ يضجّ بعناوين "لا توجد وظائف شاغرة". هنا، تتكسر الأحلام، أو على الأقل تُؤجَّل، ويتحوّل الأمل البراق إلى ضوءٍ خافت، يتردّد بين البقاء والانطفاء.
يعيش الشباب في هذا الزمن ازدواجيةً قاسية: بين ما وُعِدوا به من دورٍ قياديٍّ في بناء الغد، وبين ما يواجهونه من تهميشٍ وإقصاء، في سوقٍ لا يعترف إلا بالمحسوبية، أو لا يعترف أصلًا. وتبقى الطاقات مهدورة، كالسيلِ المحبوسِ خلف السدّ، لا يصل الزرعَ ولا يُروِي الجدب.
لكن، رغم قسوة الموج، ورغم السنين العجاف، لا يزال في القلوب بقيةُ ضياء. فلا اليأسُ سبيلُ العظماء، ولا السقوطُ خاتمة الرحلة. إنّ من حقّ الشباب أن يحلموا، ومن واجب الأوطان أن تحتضنهم ..
فالذين يصنعون الغد ليسوا أولئك الذين ينامون على موائد جاهزة، بل أولئك الذين يصارعون البطالة كما يُصارع الملاحُ العاصفة، بعينٍ لا تبرحُ الأفق، وقلبٍ لا يعرف الانكسار ..
اكليكم المصطفى متالي – تقني سامٍ في الحماية والإنتاج النباتي.