"ليلى، زينب، جنى، سوزان، باكينام، أحمد، خضر، شوكت، ست الدار وشحاتة".. ما هي إلا أسماء تسميّنا بها لـ"حاجة في نفس من يملك القرار". لا قيود على التسمية، وثمة احتمال أن يكون للمرء من اسمه نصيب، فمنح فقير ابنته اسم أميرة أو سماها على اسم ذات إمارة، وأعطى متطلع لصغيره اسم فارس أو أحد الفرسان.
تعتقد الدكتورة سامية الساعاتي، أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس وعضو المجلس الأعلى للثقافة، أنه يمكننا دراسة تاريخ مصر (ومعها الدول العربية) من خلال الأسماء، بدءاً من "نفرتيتي وأحمس" في الحقبة الفرعونية ثم أسماء من قبيل "جيهان وسوزان" دلالة على الفترة اليونانية والفارسية ثم أسماء كـ"عزت وصفوت وثروت" في فترة الحكم العثماني، مشيرة إلى أن المصريين تأثروا كثيراً بأسماء المحتلين المتعاقبين في الأزمنة المختلفة، حتى أصبحت الأسماء المصرية الخالصة التي تحمل طابع البلد قليلة جداً عند بعض الفلاحين القدامى الذين قاموا بتسمية أبنائهم على أسماء المحاصيل الزراعية المصرية مثل "خضر، شعير، عدس".
تخضع أسماء المصريين للموضة كما الملابس، فهناك العديد من الأسماء الخليجية التي انتشرت في فترة التسعينيات عقب سفر العديد من المصريين للعمل في الخليج، كما تؤكد الساعاتي. وكذلك انتشرت موضة الأسماء الدينية مثل "صفا ومروة، عبدالله، وعبد الرحمن، أحمد ومحمد".
وتضيف "الأسماء تتبع خطاً مثل خط الموضة تماماً، حتى إن بعض الأسماء القديمة مثل ملك وإسلام عادت للظهور مرة أخرى حالياً، مثل موضة الملابس القديمة في الستينيات والسبعينيات التي عادت مرة أخرى أخيراً".
وذهب الكثيرون من عامة المصريين إلى تسمية أبنائهم تيمناً بالحاكم، كـ"فاروق وفؤاد"، وتفسر الساعاتي ذلك قائلة "يعتقد بعضهم أن تسمية الأبناء باسم الحاكم قد تنقلهم من طبقة إلى أخرى أفضل، وتعطيهم كسوة أحسن أو "برستيج" خاصة وأنهم لا يدفعون أموالاً للحصول على تلك الأسماء، كالتي تستلف من صديقتها الأغنى منها فستاناً، وعندما ترتديه تشعر بأنها مميزة عن بقية فتيات طبقتها".
وتدلل على ذلك قائلة "في الريف يسمي الفلاح ابنه على اسم العمدة، ظناً منه أن ذلك يجعله أرقى، وفي بعض الأحيان يجبره العمدة على تغيير اسم ولده حتى لا تسول له نفسه أنه قد يقترب من أسياده حتى لو بالاسم".
كما أن هناك أسماء تكون على الموضة، لكن لا يقصد بها الموضة كما تؤكد الساعاتي قائلة "فيه فلاح سمى ابنته أنجيلا تيرا، وهو يقصد بها إنجلترا، لكنه ينطقها بتلك الطريقة وسجلها رسمياً بذلك ااإسم"، مضيفة "الفلاحون عموماً يميلون لاستخدام الأسماء الحديثة، خاصة أنه لا يدفع فيها مليماً، ويختار لأبنائه أسماء نجمات ونجوم سينما أو شخصيات مشهورة"، وتكثر الأسماء التي تريد اتباع خطوط الموضة أيضاً مثل "شوشو، فيفي، زوزو"، والأصل في تلك الأسماء "عيوشة، فوزية وزينب"، لكن صاحبات تلك الأسماء تنكروا لها باعتبارها أسماء "بلدي" تبعد كثيراً عن الموضة كما تؤكد الدكتورة الساعاتي.
وفي النهاية تشير الدكتورة الساعاتي إلى أن هناك قلة من الريفيين ومن الطبقة الدنيا من الريفي-الحضر، ممن يطلقون على أطفالهم أسماء غريبة، اعتقاداً منهم أن ذلك يجعلهم يعيشون، وتلجأ إلى تلك العادة في الغالب السيدات اللاتي يموت أطفالهن باستمرار، أو الآباء الذين يخافون على أبنائهم من الحسد، ويختارون أسماء مثل "شحات، شحتة، دعبس، خيشة، بخاطرها وزعبوطة".