هذه الثنائية العجيبة الفريدة التى تميز مجتمع أولاد الناصر وهي توزعهم للمهام بإلهام وتوفيق من الله، فحمل بعضهم السيف، الذى يرمز لقوة الشكيمة، والدفاع عن النفس والاستعداد لاستعماله، أيام كان يستعمل، فى مواطن الوغى والشرف، و حمل بعضهم القلم، الذى يرمز للعلم والدين والتقوى والصلاح ، فناظروا العلماء ، والفقهاء فى المحاظر و الزوايا و مواطن العلم...
هذا التوزع التلقائي ، نعمة الله، مكّن هذا المجتمع من المحافظة على كيانه ولعب الدور المنوط به فى أحلك وأصعب الظروف، شهد به القاصى والدانى ولفت انتباه الرحالة المستشرقين فكتبوا عنه، كان سببا من أسباب بقاء وطننا الذى نعيش اليوم فيه بأمان واطمئنان و استقرار، وهو مساهمة مشهودة لا ينكرها إلاّ حاسد أو مكابر...
هذه الثنائية اختزلتها أسرة أهل أعمر جودة ،فلا تجد فردا من هذه الأسرة الكريمة إلاّ يصدق فيه هذا التمثيل، ثنائية هذا المجتمع...
فإذا سكنت مثلا، حيّ كارفور وتصادفت أن جمعك المسجد مع السيد الشهم باب ولد أعمر جودة ، ستجده يؤم صلاة الجماعة ، يتلو القرآن بصوته الشجيّ القوي المتأثر بمضمون ما يتلوه من الذكر الحكيم...يتوقف حيث ينبغى التوقف وترتفع النبرة بصوت رخيم، يتلو الآيات، ليذّكر ويخشع من فى قلبه خشية من ربّه...
هكذا يفرض الإمام باب إمامته بجدارة، لا يحضره مصلٍّ إلاّ استسلم لهذا الإمام الخاشع الأوّاب..
كذلك إذا صادف أن حضرت ندوة فكرية يعرض فيها الخبراء أفكارهم ورؤاهم وتحليلاتهم للمشاهد السياسية، واقتراحات حلول الأزمات، سينبثق من بين الحضور الخبير الدكتور الحسين ولد اعمر جودة ليستعرص باقتدار ومهارة معلوماته بثقة وطمأنينة لما يلقى...
ثم هب أنك سافرت إلى تكانت وبالذات عاصمة الولاية تجكجة سيحدثك الناس عن الدكتور سيداتى وعن لطفه و مهارته فى مجال الطب ، وهناك فى جامعة العيون الاسلامية، أو فى الخليج ، ترسم الأسرة ذات الصورة، صورة العزّ والشرف و اختصار ثنائية السيف والقلم المميزة لهذا المجتمع... بارك الله فى آل اعمر جودة جميعا و وقاهم من كل شر و جازاهم خيرا عن مجتمعهم... هكذا تنال الشهرة ، أو كما قيل هكذا نكون أو لا نكون...
ابراهيم ولد صالح
نواكشوط، ١٤٤٦/١/١
موافق ٢٠٢٤/٧/٨