كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية عن تفاصيل الإطار العام للصفقة الوشيكة للهدنة في قطاع غزة التي جرى التباحث بشأنها في العاصمة الفرنسية باريس.
ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بالمطلعة قولها، إن النقطة الأولى للصفقة تتعلق بالإطار العام، حيث تم التأكيد على التزام جميع الأطراف بالموافقة على مبدأ الصفقة، وعدم إقفال الباب أمام الاتصالات كما جرى سابقاً.
وفي هذه النقطة، يثير الأمريكيون مسألة أنه حصل في مرحلة سابقة أن أوقفت حماس الاتصالات في ضوء تطورات ميدانية.
وأضافت المصادر، "أن الولايات المتحدة ثبتت موقفها العلني بأنها لن تلزم إسرائيل بمبدأ وقف إطلاق النار لكنها تعرض قيامها بعمل حثيث لأجل فرض ما اصطلح على تسميته التهدئة الطويلة كمرحلة جديدة بعد الهدن الطويلة التي يفترض أن تقود إلى وقف كامل للعمليات العسكرية".
كما أكدت مصر على موقفها العام الذي تلتزم بموجبه بإدخال كل المساعدات المكدّسة في منطقة العريش، أو التي ترسلها الدول والمنظمات الإغاثية الإنسانية، كما ستطرح على المعنيين اعتماد آلية جديدة لتفتيش شاحنات المساعدات بحيث لا تأخذ وقتاً طويلاً، وبما يسمح بإدخال عدد أكبر من الشاحنات يومياً.
كما تطلب مصر من الاحتلال فتح معبر كرم أبو سالم، كون معبر رفح غير قادر على نقل كل المساعدات، علماً أن قوات الاحتلال تقول إنها تسمح باستخدام معبر كرم أبو سالم فقط للمساعدات الآتية من الأردن.
وتؤكد مصر استعدادها لتسهيل عملية نقل أكبر عدد من الجرحى من أبناء القطاع إلى مصر أو إلى دول أخرى، بإلإضافة للتوافق على استمرار عمل اللجان المعنية بالجانب الإنساني والتي تضمّ ممثلين عن الأمم المتحدة والأطراف المعنية، وتثبيت تكليف الصليب الأحمر الدولي بتولّي عملية التبادل للأسرى والمعتقلين.
وحول الإطار التنفيذي، توافقت جميع الأطراف على القيام بالعملية لأجل تحقيق سلسلة من الأهداف تتمثل في إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المدنيين والعسكريين وجثامين القتلى وتسليمهم إلى حكومتهم.
وفي المقابل يطلق الاحتلال سراح عدد كبير من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، إلا أن إسرائيل ترفض فكرة تبييض السجون وتعتبرها غير قابلة للتحقق، وفقا للمصادر.
كما تهدف العملية إلى توفير الأمن في كل القطاع خلال مدة تنفيذ الصفقة، وأن يصار خلالها إلى السماح لجميع أبناء القطاع بالتنقل فيه من دون موانع عسكرية.
واتفقت الأطراف على السماح للمنظمات الدولية بالدخول إلى كل مناطق القطاع لأجل القيام بعمليات مسح لتحديد الحاجات الملحّة. بالإضافة لضمان توزيع المساعدات على مناطق القطاع كافة.
المرحلة الأولى .
وبينت مصادر الصحيفة، أن عملية تبادل الأسرى تشتمل على ثلاث مراحل، تشمل الأولى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين من كبار السنّ والنساء والأطفال الذين لم تشملهم الصفقة السابقة، ويقدّر عددهم بأقل من 40 شخصا، على أن تطلق إسرائيل سراح جميع المعتقلين الذين أدخلوا إلى سجونها بعد السابع من أكتوبر، إضافة إلى المرضى من المعتقلين الفلسطينيين وبقية النساء والأطفال.
ويستمر النقاش حول ما إذا كان ذلك يكون من خلال اعتماد رقم 100 أسير فلسطيني مقابل كل أسير إسرائيلي.
وتعتمد الهدنة هدنة لمدة ستة أسابيع، تمنح خلالها فصائل المقاومة كامل الوقت لأجل إعادة تجميع الأسرى الموجودين لدى أكثر من جهة وفي أكثر من منطقة، ويصار خلالها إلى ضمان الوقف الشامل لكل العمليات العسكرية، بما في ذلك عمليات الاستطلاع بالطيران الحربي أو المسيّر.
ورفض الاحتلال وقف الطلعات في المناطق التي تنتشر فيها قواته، وأنه لن يعرّض قواته للخطر، بحسب الصحيفة.
المرحلة الثانية
وتشمل المرحلة الثانية إطلاق سراح المجندات في جيش الاحتلال، أو اللواتي تنطبق عليهنّ مواصفات الخدمة العسكرية، حيث يطالب الاحتلال بأن تكون المرحلة الثانية شاملة أيضاً للعسكريين من المعتقلين، على أن يطلق مقابلهم عدد كبير من المعتقلين في سجون الاحتلال، مع رفع الحظر عن أيّ اسم بحجج قانونية إسرائيلية.
ووفقا للصحيفة، فإنه لم يتضح بعد ما هو المقابل في هذه المرحلة، مع حديث عن مطالبة المقاومة بـ 150 أسيراً فلسطينياً مقابل كل أسيرة إسرائيلية، ويحصل ذلك بالتزامن مع إدخال المزيد من المساعدات، وتأمين تشغيل المرافق الصحية وخدمات المياه والأفران في كل مناطق القطاع.
المرحلة الثالثة
عقب ذلك، تبدأ هدنة ثانية تستمر أيضا لستة أسابيع، يجري خلالها منح فصائل المقاومة جمع جثث القتلى من أسرى الاحتلال، سواء الذين ماتوا بعد وصولهم إلى القطاع جرّاء تعرّضهم لإصابات خلال مرحلة النقل، أو الذين قتلتهم قوات الاحتلال خلال العمليات العسكرية الجارية.
وسبق أن أبلغت حركة حماس الوسطاء بأن الأسرى المعتقلين، الأحياء منهم والأموات، ليسوا جميعا في قبضة حماس أو الجهاد الإسلامي فقط، وأن جميع الفصائل تبدي استعدادها للتعاون في إنجاز هذه المهمة.
وتشمل المرحلة الثالثة، تسليم الجثث مقابل إطلاق سراح الاحتلال معظم المعتقلين من سجونه، وتسليم جثث شهداء فلسطينيين سبق له أن احتجزهم في عمليات كثيرة في الضفة الغربية والقدس، وكذلك تسليم جثامين شهداء المقاومة الذين سقطوا خلال عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، وتحتجزهم قوات الاحتلال.
وحول مقدمات الإطار النهائي تؤكد المصادر أن الخلاف لا يزال قائما حول طلب المقاومة الوقف التام لإطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال من كامل القطاع.
وعقب رفض الاحتلال هذا المبدأ، درس المشاركون في الوساطة مبدأً طرحته واشنطن، يقضي بأن استمرار وقف العمليات العسكرية لنحو 90 يوما، واستئناف مظاهر الحياة في قطاع غزة، إضافة إلى المناخ الإيجابي لتبادل الأسرى، سوف تمنح الوسطاء فرصة لتحويل الهدَن الطويلة إلى تهدئة طويلة لكن من دون المساس بالوضع الميداني في القطاع،
ويحاول الوسطاء الأمريكيون إقناع الآخرين برأيهم بالقول، "إنه في حال نجاح الصفقة، سيكون من الصعب على إسرائيل استئناف الحرب كما كانت في الفترة السابقة، وإن إسرائيل أصلاً تدرس فكرة الانتقال إلى مرحلة تتوقف فيها العمليات الكبيرة، بما فيها الغارات الجوية".
وذكرت المصادر، أنه بالنسبة للمقاومة، لا يبدو الأمر سهلا، والموقف النهائي رهن مشاورات تتعلق بأن المقاومة لا ترى أنها مضطرّة إلى خسارة أهمّ الأوراق التي بيدها (ورقة الأسرى) من دون الحصول على ضمانات بعدم تجدّد الحرب.
وهي أبلغت الوسطاء بأن إسرائيل ستعود لممارسة وحشية أكبر بعد إطلاق سراح الأسرى، ولن يكون هناك أي رادع، كما ستتوقف الحملة الضاغطة داخل الاحتلال.
وبحسب المصادر، فإن جولة جديدة من الاتصالات تجرى الآن على خطّين، واحد تقوده الولايات المتحدة مع إسرائيل وعلى مستوى الجيش والأجهزة الأمنية، كما على المستوى السياسي، فيما ينتظر أن تعقد اجتماعات ولقاءات بين الجانبَين المصري والقطري مع فصائل المقاومة ولا سيما حركتَي حماس والجهاد الإسلامي.
وقد أجرى وزير المخابرات المصري عباس كامل اتصالات بقيادات فصائل المقاومة، ودعاها إلى زيارة مصر للتباحث في الأمر.
وقد أفصح وسطاء مشاركون في المحادثات عن أن الضغط الأمريكي له عدة أهداف، من بينها تقليص حجم الحرَج الذي تعانيه جرّاء الضغوط العامة لوقف الحرب، وأنها تريد مساعدة إسرائيل في التخلّص من عبء الأسرى الذي يؤثر على مجريات العمليات العسكرية والسياسية.
وبينت الصحيفة، أن هناك هدفا أهم، لواشنطن التي تعتقد بأن إتمام هدنة لنحو ثلاثة أشهر في قطاع غزة من شأنه وقف التوتر في أكثر من ساحة، وأن معلومات الإدارة الأمريكية تقول بأن المقاومة في لبنان وسوريا والعراق واليمن ستتوقف عن أعمالها العسكرية الجارية، كونها تقول بأنها تقدم الدعم والإسناد للمقاومة في غزة.