غير بعيد عن عدّة منازل هُدمت بالكامل، كانا يمشيان على حافة الطريق من أجل الوصول إلى "سقاية" لملء بعض القناني بالماء شبه النقي، في ظل انقطاع تام للماء الصالح للشرب على كافة قرية "ويرغان" المتواجدة في قلب إقليم "الحوز" بؤرة الزلزال، الذي كان الأعنف في المغرب من قرون.
آدم الذي يدرس في الصف الرابع الابتدائي، وأخته ضحى التي كانت تهم بدخول الصف الأول الإعدادي، مدرستاهما دمرتا بالكامل، ومنزلهما بات ركاما. يقولان وتفاصيل المأساة موشومة على ملامحهما الطفولية: "هدمت منازلنا، والكثير من الموتى هنا، ومدارسنا كذلك أصبحت في خبر كان".
أطفال صغار، من قلب إقليم "الحوز" يشهدون على تفاصيل فاجعة إنسانية، بذاكرة قوية تتذكر أدق التفاصيل، قالا في حديثهما لـ"عربي21": "الحمد لله أبي وأمي بخير، خرجنا بسلامة، ولا يهمنا الآن إلا الحصول على ما نأكل وملابس دافئة كي نتدفى من برد الساعات المتأخرة من الليل".
"وبرغان".. قرية صفعها الدمار
بين ليلة وضحاها، استحالت الحياة إلى جحيم هنا؛ رصدت "عربي21" مخلفات الفاجعة، في اليوم الثاني من "الهزات الأرضية".
المنازل والمدارس باتت ركاما، والسكان يتضورون جوعا، ولا شيء هنا يصل؛ تقول الساكنة: "إلى حدود الساعة الراهنة لم يصلنا أي شيء، لا مساعدات ولا إرشادات عن ما يتوجب علينا فعله الآن".
"نحن السكان اتحدنا فيما بيننا، وقررنا المبيت في العراء، في أقرب ساحة فارغة، حيث تركنا منازلنا وكل ما نملك بات تحت الدمار؛ حتى دواء أمي المريضة بالقلب، لم نعثر عليه".. تقول أمينة، سيدة ثلاثينية في حديثها لـ"عربي21": "عاد أخي إلى منزلنا الذي بات آيلا للسقوط، وحاول البحث عن الدواء، لكن دون جدوى".
ورصدت "عربي21" أشخاصا غامروا بحياتهم، وعادو الدخول إلى قلب منازلهم المدمرة، من أجل البحث عن أي شيء ذي قيمة قد يستطيعون العثور عليه من داخل الركام، من قبيل مجوهرات، أدوية، ملابس، أغطية، أو حتى أوان منزلية وألعاب.
وفي جوابها على سؤال "عربي21" حول عدم خوفها من العودة إلى منزلها، قالت سيدة : "لكنه منزلي، تعبت عليه كثيرا من أجل تجهيزه، ليس من السهل علي أبدا أن أراه وقد بات دمارا"، فيما قال شخص آخر: "ليس لدي أي حل آخر، حيث يجب العثور على أي شيء له معنى، وإن أتى الموت فمرحبا به، فلن أخسر أكثر مما خسرت الآن".