أحرزت السلطات الوطنية جهودًا كبيرة خلال الأربع سنوات المنصرمة لتحسين وتطوير وثائق الملكية العقارية. مما وفَّر مستوى معيشيا للمواطن تحرر فيه من الإيجار الشهري والمضاربات التي يقوم بها الوسطاء. حيث تم إنشاء نظام لأرشفة العقارات في نواكشوط، مما ساعد بفضل التعاون المنصف والشفاف مع الجهاز القضائي في مكافحة العصابات المزورة للسندات العقارية والرخص.
للأسف من بين هذه العصابات من يتجرأ على ادعاء الملكية العقارية استنادًا إلى وثائق عقارية مزورة تلاعبا بممتلكات المواطنين، وفي هذا السياق يبدو المثال الذي سأسوقه أغرب من الخيال، حيث إن وكالة التسيير العقاري في موريتانيا والخدمات AGIMS لمالكها السيد محمد المامي محمد، قد اشترت قطعا أرضية سنة 2009.
في عام 2017، بعد ثماني سنوات، قام السيد محمدو صامبا ديا بتحويل مؤسسته للتجارة العامة التي تأسست في عام 2003 إلى وكالة لتسيير العقارات والصيانة والخدمات باختصار أطلق عليها AGIMS. إلى هذا الحد، لم تكن هناك مشكلة كبيرة: فلو افترضنا أن الوكالتين قد تحملان نفس اختصار الأحرف اللاتينية، والأمر وإن كان مريبا فإنه يبدو معقولا أحيانا من باب الصدف، غير أن السيد محمدو صامبا ديا كان يخطط لهدف آخر كما سنرى:
في عام 2020، بالفعل، قام السيد محمدو صامبا ديا، المنتحل لـ AGIMS، بتزوير وبيع نسخٍ من رخص الملكية العقارية التي تعود لـ AGIMS المملوكة للسيد محمد المامي محمد. ومن هنا اتضح جليا أن الهدف من تغيير صامبا اسم مؤسسته للتجارة العامة إلى AGIMS هو الاستيلاء على الأراضي العقارية المملوكة لـ AGIMS، يبدو أن هذه العملية تم التخطيط لها جيدًا وانطلت على المواطنين بصفة عامة.
تم رفع القضية إلى الجهات القضائية المختصة في العام 2021، بعد أن اكتشفت AGIMS التزوير والتلاعب بممتلكاتها من طرف محمدو صامبا ديا، وبعد مسطرة تقاض طويلة انتقلت المحكمة خلالها رفقة الأطراف لمعاينة السجل العقاري لدى أرشيف ولاية نواكشوط الغربية والمحكمة التجارية وإدارة العقارات وأملاك ال
أصدرت المحكمة الابتدائية في نواكشوط الشمالية حكمها رقم: 308/2022، بالسجن لمدة سنتين ضد المتهم محمدو صامبا ديا بتهمة التزوير والنصب والتحايل. وبمصادرة وإتلاف جميع الرخص المزورة التي كانت بحوزته المؤرخة بتاريخ 2009/2008 والحاملة للأحرف اللاتينية AGIMS الموجودة في قطاع تيارت LAIASON H8 SOCOGIM DB، وبإبطال جميع عقود البيع التي أبرم محمدو صامبا ديا على أساس تلك الرخص المزورة، والشطب عليها في سجلات الموثقين، واستأنف صامبا ديا الحكم المذكور وأكدته محكمة الاستئناف فقام بالطعن في قرار محكمة الاستئناف الذي أكدته المحكة العليا بصفة نهائية في يونيو 2023، وقد حصلت AGIMS على التنفيذ الجبري لمضمون الحكم 308/2022، المؤكد من طرف محكمة الاستئناف والمحكمة العليا وذلك بموجب الأمر رقم: 07/2023 بتاريخ: 11/01/2023.
ومن المفارقات أنه طيلة المسار القضائي لهذا الملف ظل المدان يعتبر نفسه ضحية على الرغم من الأحكام الصادرة ضده وبشاعة التزوير الذي قام به، مما جعله يتجرأ على إثارة النعرات العرقية، والأغرب من ذلك أنه يحاول توجيه ضحاياه لعرقلة تنفيذ الأحكام القضائية لمن حكم القضاء لصالحه، فبدل أن يعترف أنهم ضحاياه ويقبلوا هم بذلك، ويذعنوا للقرارات القضائية جميعا فضلوا التشويش والتضليل الذي لن يكون عائقا أمام التنفيذ.
كل هذا يتطلب من الجميع اليقظة والانتباه للأساليب الجديدة من التزوير والنصب والتحايل في مجتمع تتطور فيه الجريمة المنظمة بفضل التطور التكنولوجي والأنظمة الرقمية وهو عامل تستغله عصابات التزوير والإجرام.