أوسكار تراوري، اسم مستعار اختاره شاب من ساحل العاجل للحديث مع "عربي21" عن الأيام التي عاشها رفقة مئات المهاجرين على الحدود مع ليبيا بعد أن قامت السلطات التونسية بإجلائهم إلى المنطقة الصحراوية، قبل الاتفاق بين تونس وطرابلس على إيوائهم.
والشهر الماضي، أعلنت تونس وليبيا اتفاقهما على إيواء المهاجرين من جنسيات دول أفريقيا جنوب الصحراء والعالقين عند الحدود بين البلدين، بعد أيام من الجدل حول وضعية المهاجرين هناك.
وأكدت وزارة الداخلية الليبية في بيان أن دوريات حرس الحدود من البلدين تعمل مع بعضها بتنسيق مشترك، وأن المنطقة الحدودية بينهما قد أخليت بالكامل من طالبي اللجوء.
وبحسب ما حصلت عليه "عربي21" من معطيات، تم نقل المهاجرين من الجانب التونسي إلى بعض المنشآت الخاصة في ولايتي مدنين وتطاوين جنوبي البلاد، حيث تتكفل منظمات غير حكومية بتكاليف الإيواء كاملة.
لكن قبل ذلك، عاش المهاجرون القادمون من دول أفريقيا جنوب الصحراء أوقاتا عصيبة على الحدود بين تونس وليبيا، بحسب شهادات وصلت "عربي21".
وانطلقت القصة بعد أن تصاعد التوتر بشكل خطير في مدينة صفاقس، الشهر الماضي، إثر مقتل مواطن تونسي (41 عاما) تعرض للطعن من قبل مهاجر غير نظامي خلال اشتباكات اندلعت بين مواطنين ومهاجرين.
وجاء ذلك بعد انتشار دعوات تحريضية ضد هؤلاء اللاجئين الأفارقة وورود معلومات وتقارير تشير إلى نية الانتقام من قاتليه وتنفيذ عملية ترحيل جماعي بحقهم.
وبحسب إحدى الشهادات، ألقت قوات الأمن التونسية مئات الرجال والنساء والأطفال على الحدود مع ليبيا، حيث مكثوا لعدة أيام دون أكل ولا شراب رغم حرارة الطقس المرتفعة.
شهادة من الحدود التونسية الليبية
وقال المهاجر أوسكار تراوري (27 عاما) من ساحل العاج، في حديثه لـ"عربي21"، إنه دخل التراب التونسي بشكل قانوني منذ شهرين، حيث كان ينوي المشاركة في هجرة غير نظامية إلى إيطاليا انطلاقا من سواحل صفاقس.
وأبرمت تونس اتفاقية سفر دون تأشيرة مع ساحل العاج، البلد الذي يأتي منه غالبية مهاجريها من جنوب الصحراء الذين يقدر عددهم بنحو 70 ألف مهاجر، وباعتبارها دولة ذات نظام جامعي فرانكفوني، فقد أصبحت تونس مركزًا للطلاب من غرب أفريقيا.
وأصبح قربها من أوروبا أيضًا عامل جذب لأولئك الذين يأملون في عبور البحر الأبيض المتوسط لإيجاد المزيد من الفرص في إيطاليا أو فرنسا.
ويصل جميع المهاجرين إلى تونس تقريبًا بشكل قانوني، ولكن بعد ثلاثة أشهر يصبح وضعهم "غير قانوني" وتُفرض عليهم غرامة شهرية تبلغ حوالي 27 دولارًا، ولا يوجد سوى القليل من الطرق التي يمكن اتباعها للحصول على إذن قانوني للعمل في تونس؛ حيث تمنع قوانين العمل المحلية الأجانب من شغل منصب يمكن للمواطن التونسي القيام به نسبيًّا.
واستأجر تراوري شقة في منطقة صفاقس، التي تحولت إلى منصة رئيسية لخروج قوارب الهجرة غير النظامية من السواحل التونسية إلى أوروبا، وإيطاليا على وجه الخصوص.
وأضاف: "كنت رفقة 7 أشخاص في الشقة، كان همنا الوحيد العبور إلى أوروبا عبر البحر، لم يكن في مخططنا المكوث أو الإقامة في تونس".
وتابع: "بعد مقتل المواطن التونسي بيوم واحد، اقتحم عدد من سكان المنطقة منزلنا واعتدوا علينا وسرقوا منا كل أموالنا التي جمعناها من أجل الذهاب إلى أوروبا، لقد ضاع كل شيء".
"وبعد ذلك، أخبرنا الأمن أنه سيتم أخذنا إلى مركز إيواء عبر حافلات، ثم وقع الدفع بنا نحو الحدود الليبية وطلبوا منا مغادرة البلاد بأي طريقة، وكان عددنا بالعشرات"، على حد قوله.