شكرا فخامة الرئيس..
قبل أسبوع تلقيت اتصالا هاتفيا من مواطن يقطن في دار النعيم (حي لغريكه)، طلب أن نلتقي بشكل استعجالي؛ وبالفعل قطعتُ مشاغلي والتقيتُ به، فسلمني رسالة مكتوبة ( مرفقة بملف طبي)؛ قال إنه يريد مني أن أبحث عن طريقة لتصل بها إلى رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، يطلبُ منه فيها التكفل بعلاج طفليه الذين أصبهما مرض عضال (شفاهما الله)، وهو عاجزٌ عن تدبير أمور العلاج بسبب ضيق ذات اليد.
كانت الرسالة مؤلمة، كتبها الرجلُ بعصارة كبده.
حين سلمني الرسالة اشترط علي عدم نشرها عبر الصحافة أو المواقع الإلكترونية، ولا حتى عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل طلب مني أبذل قصارى جهدي حتى تصل إلى الرئيس.
أصابني الرجلُ بحيرة كبيرة، فالوصول إلى الرئيس مباشرة ودون أي حملة إعلامية، ليس بالأمر الهيّن، خاصة وأن الرئيس كان حينها في عاصمة نيجيريا أبوجا، يحضر قمة (إيكواس) حول الوضع في النيجر.
بعد طول تفكير، قررت أن أرسلها إلى معالي الوزير مدير ديوان رئيس الجمهورية المختار ولد أجاي، رغم أنه لا تربطني به سابق معرفة، ولا شك ستكون لديه مشاغل جمّة أكثر من رسالة قد لا يجد الوقت لقراءة ما فيها.
جلست أنتظر، وكنتُ أسأل نفسي إن كانت رسالة هذا الأب المهموم بحال طفليه، ستجدُ صدى لدى الرئيس، قبل أن يستفحل المرض وينهش جسدهما الغض، أم أنها ستضيع في أروقة الرئاسة..؟
كان الوالد المهموم يفكر ويتساءل مع نفسه؛ هل يبيع منزله المتواضع في دار النعيم؟ ولكن ماذا سيفيد ثمنه؟ بالكاد سيكفي ثمن التذاكر وإصدار جوازات السفر؟ من أين سيأتي بتكاليف العلاج والمعيشة؟
كانت الأسئلة تتوالدُ في مخيلة الرجل المهموم؛ هل يذهب إلى منزل العزة بنت الشيخ آياه، التي توزع مالها بكرم وسخاء، وبكل يقين ستعينه على علاج طفليه، لكن كيف سيتمكن من الوصول إليها ودونها حرس سيمنعونه من ذلك، لعلّ الوصول إلى الرئيس أهونُ وأيسر.
بعد يومين من الانتظار، وبينما هو غارق في هومه، رنَّ هاتفه:
- السلام عليكم ورحمة الله
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
- أحمد بوي انتوم اشحالكم.. معاك المختار ولد أجاي مدير ديوان رئيس الجمهورية..
- يا مرحبه وسهله..
- وخيرت بيك.. كلفني فخامة الرئيس أن أتصل بكم للاطلاع على حالة الطفلين، شفاهما الله..
بدأ الأب يسرد بتفصيل وإسهاب وضعيتهما الصحية، وحين انتهى كان رد معالي الوزير المختار ولد اجاي:
- أبشر.. أبشر.. ستنال مرادك فيهما وسيشفيهما الله لك.. هو الشافي وعليه الحول والقوة وإليه الاتكال..
أول أمس الاثنين، وبعد نهاية اجتماع مجلس الوزراء، ولقاء الرئيس بالأمناء العامين؛ استدعى رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني وزير المالية، وأمره بالعمل فورا على التكفل بعلاج الطفلين في الخارج.
بعد بدء تنفيذ الإجراءات الخاصة بالتكفل، تلقيت الرسالة التالية من والد الطفلين:
أنا اليوم حين سهّل الله لي علاج طفليَّ؛ لا تسعني اللغة كي أعبر لفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني عن شعوري؛ فله مني جزيل الشكر.
أنا مواطن من أبسط مواطنيه، شعرت بأن رئيسي يقاسمني همي، وتصله هموم مواطنيه، فيتصرف بروح الأب ومسؤولية القائد.
والشكر لمدير ديوانه الإنسان والمؤتمن على إيصال أصحاب الأصوات المبحوحة والأيادي القصيرة.
والشكر لكل من ساعدني ووقف إلى جانبي في محنتي..
شكرا فخامة الرئيس السيد محمد ولد الشيخ الغزواني.. شكرا معالي الوزير المختار ولد أجاي
شفا الله بجميل فضله وكرمه الطفلين وأعادهما إلى البلد سالمين غانمين بعد رحلة علاج في تونس ستكلل إن شاء الله بالنجاح.
العميد / بشير ببانه .