إعلانات

رصد خريطة الصراع على "كعكة أفريقيا".. ماذا يحدث في القارة السمراء؟

خميس, 10/08/2023 - 14:02

لا تتوقف المستعمرات الفرنسية السابقة في أفريقيا عن إظهار عدم رضاها عن السياسات التي تنتهجها باريس إلى الآن بحقها. وتزامنا مع الانقلاب العسكري في النيجر والذي أطاح بالرئيس محمد بازوم المحتجز بالقصر الرئاسي منذ ذلك الحين، بدأ تراجع النفوذ الفرنسي في القارة السمراء بالتجلي أكثر من أي وقت مضى، فيما ظهرت ملامح أياد روسية تسعى لملء الفراغ الذي يُحدثه التراجع الفرنسي في أغنى قارات العالم.

وفيما أعلنت باريس أنها تدعم بـ"حزم" جهود المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" لإحباط الانقلاب العسكري الذي لا يخفي عداءه للنفوذ الفرنسي في النيجر، نقلت وكالة  "أسوشيتد برس" عن مسؤول عسكري غربي أن قادة الانقلاب في نيامي طلبوا المساعدة من مجموعة "فاغنر" الروسية.

وتعاني إدارة ماكرون إخفاقات كبيرة في أفريقيا. نتيجة لذلك، بدأت المستعمرات الفرنسية السابقة، التي تضررت من سياسات فرنسا، في إظهار استيائها من الاحتجاجات المناهضة ومحاولات الانقلاب.

مناطق تراجع النفوذ الفرنسي
في ظل ذلك، يبرز النفوذ الروسي المتصاعد في القارة الأفريقية، والمتمثل في معظم نواحيه بمجموعة فاغنر العسكرية الروسية على أنها عنصر يزيد من النفوذ الروسي في أفريقيا، وسط إقبال متزايد من بعض الدول الإفريقية التي ترزح تحت وطأة مشاكل أمنية عميقة مثل الإرهاب والصراعات الداخلية والانقلابات، على عروض المجموعة الروسية لضمان الاستقرار في مقابل التنازلات الاقتصادية، وما يدفع في هذا التوجه خصوصا أن تلك الدول لا تزال تتذكر وقوف موسكو إلى جانب حركات التحرر الأفريقية خلال حقبة الاتحاد السوفييتي.

ولم يقتصر التعاون مع موسكو في معظم الأوقات على المجال العسكري فحسب، بل امتد أيضا إلى المجال السياسي حيث بدأ الروس في تقديم خدمات الاستشارات السياسية. وبذلك بدأ التنافس بين روسيا وفرنسا يظهر بقوة لاسيما في ضوء انقلاب النيجر.

مالي
وفي سياق انحسار نفوذ باريس، قررت مالي خفض مكانة اللغة الفرنسية، حيث يسعى النظام الحالي لإنهاء الإرث الاستعماري، في الوقت الذي تستعد فيه البلاد لإجراء انتخابات لأول مرة منذ الانقلاب الذي أطاح بالرئيس السابق إبراهيم أبوبكر كيتا في العام 2020، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

كما طردت الحكومة العسكرية في البلاد السفير الفرنسي، وحظرت المنظمات غير الحكومية التي تمولها فرنسا، وأرسلت القوات الفرنسية التي كافحت لمساعدة مالي في قتالها ضد المتطرفين. مثل دول أخرى في منطقة الساحل.

ومن ناحية تاريخية، كانت مالي إحدى المستعمرات الفرنسية، بداية من سنة 1904 وحتى استقلالها عام 1960، لكن النفوذ الفرنسي استمر حتى بعد الاستقلال بأشكاله السياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية عقود متتالية.

غير أن باريس لم تنجح خلال العقد الأخير في منع المحاولات الانقلابية المتكرّرة، والتي بلغت ذروتها مع الانقلاب العسكري عام 2020، حين اعتقل الجيش رئيس الدولة إبراهيم أبو بكر كيتا ورئيس وزرائها، إثر اضطرابات شعبية عمّت البلاد نتيجة استمرار تدهور الحالة الاقتصادية والأمنية. وبالفعل، بدأت فرنسا انسحابها العسكري من مالي. لتفقد بذلك نفوذها الذي استمر هناك عقودا.

بوركينا فاسو
وفي بوركينا فاسو التي علقت فرنسا الأحد، مساعداتها التنموية وتلك المتعلقة بدعم الميزانية المخصصة لها، وذلك بعد أيام من إعلانها ومالي أنهما ستعتبران أي تدخل عسكري، من قبل مجموعة "إيكواس"، في النيجر بمثابة "إعلان حرب".

يؤكد انقلاب أيلول / سبتمبر الماضي، في بوركينا فاسو، تقلص النفوذ الفرنسي في دول غرب أفريقيا، لمصلحة روسيا التي تحاول لعب دورا محوريا في تقليب مشاعر العداء الإفريقية ضد فرنسا من جانب الرأي العام.

لاسيما أن الانقلابيون شددوا حينها على "عزمهم التوجه إلى شركاء آخرين على استعداد للمساعدة في مكافحة الإرهاب"، في إشارة ضمنية إلى روسيا التي رُفعت أعلامها خلال مظاهرات أعقبت الانقلاب.

وتعد بوركينا فاسو إحدى الدول الإفريقية المنتمية لمجموعة دول الساحل الإفريقي، التي تضم كذلك النيجر وموريتانيا ومالي وتشاد. وتمتلئ أراضي تلك الدول بالفرص والثروات. وبدأت روسيا تسلط اهتمامها على دول المجموعة مستغلة في ذلك انحسار الدور الفرنسي في المنطقة؛ حيث قامت بإبرام اتفاقيات تعاون عسكرية مع دول المجموعة كان آخرها مع موريتانيا في 24 حزيران/ يونيو 2021.

الجزائر
وفي سياق متصل، تشهد الجزائر توترا متصاعدا في العلاقات مع فرنسا، في مواضيع عدة يتصل أبرزها بملف الاستعمار الفرنسي.